وهنا تعرض في خطفة سريعة رقعة الحياة الدنيا التي طويت في السياق . فإذا نحن في الأرض مرة أخرى . وإذا التبكيت والترذيل يوجهان للمجرمين !
( كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون . ويل يومئذ للمكذبين ! ) . .
وهكذا تختلط الدنيا بالآخرة في فقرتين متواليتين ، وفي مشهدين معروضين كأنهما حاضران في أوان ، وإن كانت تفرق بينهما أزمان وأزمان . فبينما كان الخطاب موجها للمتقين في الآخرة ، إذا هو موجه للمجرمين فيالدنيا . وكأنما ليقال لهم : اشهدوا الفارق بين الموقفين . . وكلوا وتمتعوا قليلا في هذه الدار ، لتحرموا وتعذبوا طويلا في تلك الدار . . ( ويل يومئذ للمكذبين ! ) .
{ كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ } حال من المكذبين على ما ذهب إليه غير واحد من الأجلة أي الويل ثابت لهم في حال ما يقال لهم ذلك تذكيراً لما كان يقال لهم في الدنيا ولما كانوا أحقاء بأن يخاطبوا به حيث تركوا الحظ الكثير إلى النزر الحقير فيفيد التحسير والتخسير وعلى طريقته قوله
: إخوتى لا تبعدوا أبدا *** وبلى والله قد بعدوا
فهو دعاء لإخوته بعدم الهلكة بعد هلاكهم تقريراً بأنهم كانوا أحقاء بذلك الدعاء في حياتهم وأن هلاكهم لحينونة الأجل المسمى لا لأنهم كانوا أحقاء بالدعاء عليهم وذهب أبو حيان إلى أنه كلام مستأنف خوطب به المكذبون في الدنيا والأمر فيه أمر تحسير وتهديد وتخسير ولم يعتبر التهديد على الأول لأنه غير مقصود في الآخرة ورجح بأنه أبعد من التعسف وأوفق لتأليف النظم وفيه نظر والظاهر أن قوله سبحانه : { إِنَّكُمْ } الخ في موضع التعليل وفيه دلالة على أن كل مجرم نهايته تمتع أيام قليلة ثم يبقى في عذاب وهلاك أبداً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.