اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجۡرِمُونَ} (46)

قوله تعالى : { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ } هذا مردود إلى ما تقدم قبل المتقين وهو وعيد وتهديد ، وهو حال من المكذبين ، أي : الويل ثابت لهم في حال ما يقال لهم : { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ } أي كافرون .

وقيل : مكتسبون فعلاً يضركم في الآخرة من الشرك ، فكأنه - تعالى - يقول للكافر : إنك في الدنيا عرضت نفسك لهذه الآفات التي وصفناها لمحبتك الدنيا ، ورغبتك في طيباتها ، إلا أن طيباتها قليلةٌ بالنسبة إلى تلك الآفات العظيمة ، فالمشتغل بتعظيمها يجري مجرى لُقْمةٍ واحدة من الحلوى ، وفيها السم المهلك ، فإنه يقال لآكلها تذكيراً له ونصحاً : كُلْ هذا ، وويلٌ لك منه بعدُ ؛ فإنك من الهالكين بسببه ، فهذا وإن كان في اللفظ أمر إلا أنه في المعنى نهيٌ بليغ وزجر عظيم .