في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيۡهِمۡ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِوَكِيلٖ} (6)

وفي نهاية الفقرة - بعد تقرير تلك الصفات وأثرها في الكون كله - يعرض للذين يتخذون من دون الله أولياء . وقد بدا أن ليس في الكون غيره من ولي . ليعفى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمرهم ، فما هو عليهم بوكيل ، والله هو الحفيظ عليهم ، وهو بهم كفيل :

( والذين اتخذوا من دونه أولياء ، الله حفيظ عليهم ، وما أنت عليهم بوكيل ) . .

وتبدو للضمير صورة هؤلاء المناكيد التعساء( وهم يتخذون من دون الله أولياء وأيديهم مما أمسكت خاوية ، وليس هنالك إلا الهباء ! تبدو للضمير صورتهم - في ضآلتهم وضآلة أوليائهم من دون الله . والله حفيظ عليهم . وهم في قبضته ضعاف صغار . فأما النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه ، فهم معفون من التفكير في شأنهم ، والاحتفال بأمرهم ، فقد كفاهم الله هذا الاهتمام .

ولا بد أن تستقر هذه الحقيقة في ضمائر المؤمنين لتهدأ وتطمئن من هذا الجانب في جميع الأحوال . سواء كان أولئك الذين يتخذون من دون الله أولياء أصحاب سلطان ظاهر في الأرض ، أم كانوا من غير ذوي السلطان . تطمئن في الحالة الأولى لهوان شأن أصحاب السلطان الظاهر - مهما تجبروا - ما داموا لا يستمدون سلطانهم هذا من الله والله حفيظ عليهم ؛ وهو من ورائهم محيط والكون كله مؤمن بربه من حولهم ، وهم وحدهم المنحرفون كالنغمة النشاز في اللحن المتناسق ! وتطمئن في الحالة الثانية من ناحية أن ليس على المؤمنين من وزر في تولي هؤلاء غير الله ؛ فهم ليسوا بوكلاء على من ينحرفون من الخلق ؛ وليس عليهم إلى النصح والبلاغ . والله هو الحفيظ على قلوب العباد .

ومن ثم يسير المؤمنون في طريقهم . مطمئنين إلى أنه الطريق الموصول بوحي الله . وأن ليس عليهم من ضير في انحراف المنحرفين عن الطريق . كائنا ما يكون هذا الانحراف . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيۡهِمۡ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِوَكِيلٖ} (6)

حفيظ عليهم : رقيب عليهم .

وما أنت عليهم بوكيل : لست موكلاً بهم .

ثم أتبع ذلك بتسلية الرسول الكريم بأنه ليس رقيباً ولا وكيلاً على المشركين حتى يستطيع ردَّهم إلى سواء السبيل ، وما هو إلا نذيرٌ يبلّغهم ، وحسابُهم على الله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيۡهِمۡ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِوَكِيلٖ} (6)

وأن من أكبر الظلم وأفحش القول ، اتخاذ أنداد للّه من دونه ، ليس بيدهم نفع ولا ضرر ، بل هم مخلوقون مفتقرون إلى الله في جميع أحوالهم ، ولهذا عقبه بقوله : { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ }

يتولونهم بالعبادة والطاعة ، كما يعبدون الله ويطيعونه ، فإنما اتخذوا الباطل ، وليسوا بأولياء على الحقيقة . { اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ } يحفظ عليهم أعمالهم ، فيجازيهم بخيرها وشرها . { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ } فتسأل عن أعمالهم ، وإنما أنت مبلغ أديت وظيفتك .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيۡهِمۡ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِوَكِيلٖ} (6)

ولما كان التقدير : فالذين تولوه وماتوا في ولايته فهو يغفر ذنوبهم بمعنى أنه يزيلها عيناً وأثراً ، عطف عليه قوله : { والذين اتخذوا } أي عالجوا فطرهم الأولى وعقولهم حتى أخذوا { من دونه } أي من أدنى رتبة من رتبته { أولياء } يعبدونهم كالأصنام وكل من اتبع هواه في شيء من الأشياء ، فقد اتخذ الشيطان الآمر له بذلك ولياً من دون الله بمخالفة أمره .

ولما كان ما فعلوه عظيم البشاعة ، اشتد التشوف إلى جزائهم عليه فأخبر عنه سبحانه بقوله معبراً بالاسم الأعظم إشارة إلى وضوح ضلالهم وعظم تهديدهم معرياً له عن الفاء لئلا يتوهم أن الحفظ مسبب عن الاتخاذ المذكور عادلاً إلى التعبير بالجلالة تعظيماً لما في الشرك من الظلم وتغليظاً لما يستحق فاعله من الزجر : { الله } أي المحيط بصفات الكمال { حفيظ عليهم } أي رقيب وراع وشهيد على اعمالهم ، لا يغيب عنه شيء من أحوالهم ، فهو إن شاء أبقاهم على كفرهم وجازاهم عليه بما أعده للكافرين ، وإن شاء تاب عليهم ومحا ذلك عيناً وأثراً ، فلم يعاقبهم ولم يعاتبهم ، وإن شاء محاه عيناً وأبقى الأثر حتى يعاتبهم { وما أنت عليهم بوكيل * } أي حتى يلزمك أن تراعي جميع أحوالهم من أقوالهم وأفعالهم ، فتحفظها وتقسرهم على تركها ونحو ذلك مما يتولاه الوكيل مما يقوم فيه مقام الموكل سواء قالوا { لا تسمعوا لهذا القرآن } أو قالوا { قلوبنا في أكنة } أو غير ذلك .