في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} (6)

أما المقسم عليه بذلك القسم ، فقد طواه السياق ، ليفسره ما بعده ، فهو موضوع الطغيان والفساد ، وأخذ ربك لأهل الطغيان والفساد ، فهو حق واقع يقسم عليه بذلك القسم في تلميح يناسب لمسات السورة الخفيفة على وجه الإجمال :

" ألم تر كيف فعل ربك بعاد ، إرم ذات العماد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد ؟ وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ؟ وفرعون ذي الأوتاد ؟ . . الذين طغوا في البلاد ، فأكثروا فيها الفساد ، فصب عليهم ربك سوط عذاب ؟ إن ربك لبالمرصاد " . .

وصيغة الاستفهام في مثل هذا السياق أشد إثارة لليقظة والالتفات . والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ابتداء . ثم هو لكل من تتأتى منه الرؤية أو التبصر في مصارع أولئك الأقوام ، وكلها مما كان المخاطبون بالقرآن أول مرة يعرفونه ؛ ومما تشهد به الآثار والقصص الباقية في الأجيال المتعاقبة ، وإضافة الفعل إلى " ربك " فيها للمؤمن طمأنينة وأنس وراحة . وبخاصة أولئك الذين كانوا في مكة يعانون طغيان الطغاة ، وعسف الجبارين من المشركين ، الواقفين للدعوة وأهلها بالمرصاد .

وقد جمع الله في هذه الآيات القصار مصارع أقوى الجبارين الذين عرفهم التاريخ القديم . . مصرع : " عاد إرم " وهي عاد الأولى . وقيل : إنها من العرب العاربة أو البادية . وكان مسكنهم بالأحقاف وهي كثبان الرمال . في جنوبي الجزيرة بين حضرموت واليمن . وكانوا بدوا ذوي خيام تقوم على عماد .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} (6)

عاد : من قبائل العرب البائدة .

وبعد أن أقسم سبحانه أنه سيعذّب الكافرين ، شرع يذكر بعض قصص الجبابرة من الأمم الغابرة : كيف أفسدوا وطغوا ، فأوقع بهم أشدّ العذاب فقال : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ . . . . }

ألم تعلم يا محمد كيف أنزل ربك عقابَه بعادٍ قوم هود .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} (6)

{ 6 - 14 } { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ }

يقول تعالى : { أَلَمْ تَرَ } بقلبك وبصيرتك كيف فعل بهذه الأمم الطاغية .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} (6)

ثم ذكر الأمم التي كذبت الرسل كيف أهلكهم فقال { ألم تر كيف فعل ربك بعاد }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} (6)

قوله تعالى : " ألم تر كيف فعل ربك " أي مالكك وخالقك . " بعاد " قراءة العامة " بعادٍ " منونا . وقرأ الحسن وأبو العالية " بعاد إرم " مضافا . فمن لم يضف جعل " إرم " اسمه ، ولم يصرفه ؛ لأنه جعل عادا اسم أبيهم ، وإرم اسم القبيلة ، وجعله بدلا منه ، أو عطف بيان . ومن قرأه بالإضافة ولم يصرفه جعله اسم أمهم ، أو اسم بلدتهم . وتقديره : بعاد أهل إرم . كقوله : " واسأل القرية " [ يوسف : 82 ] ولم تنصرف - قبيلة كانت أو أرضا - للتعريف والتأنيث . وقراءة العامة " إرم " بكسر الهمزة . وعن الحسن أيضا " بعادَ إرَمَ " مفتوحتين ، وقرئ " بعاد إِرْمَ " بسكون الراء ، على التخفيف . كما قرئ " بورِقكم " . وقرئ " بعادٍ إرَمَ ذات العماد " بإضافة " إرم " - إلى - " ذات العماد " . والإرم : العلم . أي بعاد أهل ذات العلم . وقرئ " بعادٍ إرَمَ ذات العماد " أي جعل اللّه ذات العماد رميما . وقرأ مجاهد والضحاك وقتادة " أَرَمَ " بفتح الهمزة . قال مجاهد : من قرأ بفتح الهمزة شبههم بالآرام ، التي هي الأعلام ، واحدها : أرم . وفي الكلام تقديم وتأخير ، أي والفجر وكذا وكذا إن ربك لبالمرصاد ألم تر . أي ألم ينته علمك إلى ما فعل ربك بعاد . وهذه الرؤية رؤية القلب ، والخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، والمراد عام . وكان أمر عاد وثمود عندهم مشهورا ؛ إذ كانوا في بلاد العرب ، وحِجر ثمود موجود اليوم . وأمر فرعون كانوا يسمعونه من جيرانهم من أهل الكتاب ، واستفاضت به الأخبار ، وبلاد فرعون متصلة بأرض العرب . وقد تقدم هذا المعنى في سورة " البروج " {[16036]} وغيرها " بعاد " أي بقوم عاد . فروى شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال : إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراع من حجارة ، ولو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يقلوه ، وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها .

و " إرم " قيل هو سام بن نوح . قاله ابن إسحاق . وروى عطاء عن ابن عباس - وحكى عن ابن إسحاق أيضا - قال : عاد بن إرم . فإرم على هذا أبو عاد ، وعاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح . وعلى القول الأول : هو اسم جد عاد . قال ابن إسحاق : كان سام بن نوح له أولاد ، إرم بن سام ، وأرفخشذ بن سام . فمن ولد إرم بن سام العمالقة والفراعنة والجبابرة والملوك الطغاة والعصاة . وقال مجاهد : " إرم " أمة من الأمم . وعنه أيضا : أن معنى إرم : القديمة ، ورواه ابن أبي نجيح . وعن مجاهد أيضا أن معناها القوية{[16037]} . وقال قتادة : هي قبيلة من عاد . وقيل : هما عادان . فالأولى هي إرم . قال اللّه عز وجل : " وأنه أهلك عادا الأولى{[16038]} " [ النجم : 50 ] . فقيل لعقب عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح : عاد . كما يقال لبني هاشم : هاشم . ثم قيل للأولين منهم : عاد الأولى ، وإرم : تسمية لهم باسم جدهم . ولمن بعدهم : عاد الأخيرة . قال ابن الرقيات :

مَجْداً تليداً بناه أوَّلُهُمْ *** أدرك عاداً وقبلَه إِرَمَا

وقال معمر : " إرم " : إليه مجمع عاد وثمود . وكان يقال : عاد إرم ، وعاد ثمود . وكانت القبائل تنتسب إلى إرم .


[16036]:راجع جـ 19 ص 295.
[16037]:في بعض النسخ: "القرية".
[16038]:آية 50 سورة النجم.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} (6)

قوله : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد } قوم عاد كانوا عتاة جبابرة لجوا في الكفر والتكذيب فأهلكهم الله ودمر عليهم وجعلهم عبرا وأحاديث للناس . والمراد بهم عاد الأولى وهم من ذرية سام بن نوح .