ثم ذكر سبحانه على طريق الاستشهاد ما وقع من عذابه على بعضه طوائف الكفار بسبب كفرهم وعنادهم وتكذيبهم للرسل تحذيرا للكفار في عصر نبينا صلى الله عليه وسلم ، وتخويفا لهم أن يصيبهم ما أصابهم فقال :{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} أي ألم تعلم يا محمد علما يوازي العيان في الإيقان وهو استفهام تقرير ، قرأ الجمهور بتنوين عاد على أن يكون قوله { إرم ذات العماد } عطف بيان لعاد ، والمراد بعاد اسم أبيهم وإرم اسم القبيلة أو بدلا منه ، وامتناع صرف إرم للتعريف والتأنيث ، وقيل المراد بعاد أولاد عاد وهم عاد الأولى ، ويقال لمن بعدهم عاد الأخرى فيكون ذكر إرم على طريقة عطف البيان أو البدل للدلالة على أنهم عاد الأولى لا عاد الأخرى .
ولا بد من تقدير مضاف على كلا القولين أي أهل إرم أو سبط إرم فإن إرم هو جد عاد ، لأنه عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ، وقرأ الحسن وأبو العالية بإضافة عاد إلى إرم ، وقرأ الجمهور إرم بكسر الهمزة وفتح الراء والميم ، وقرئ بفتح الهمزة والراء وقرأ معاذ بسكون الراء تخفيفا وقرئ بإضافة إرم إلى ذات العماد .
وقال مجاهد : من قرأ بفتح الهمزة شبههم بالإرم التي هي الأعلام واحدها أرم . وفي الكلام تقديم وتأخير أي والفجر وكذا وكذا إن ربك لبالمرصاد ألم تر أي ألم ينته علمك إلى ما فعل ربك بعاد ، وهذه الرؤية رؤية القلب ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو لكل من يصلح له .
وقد كان أمر عاد وثمود مشهورا عند العرب ، لأن ديارهم متصلة بديار العرب ، وكانوا يسمعون من أهل الكتاب أمر فرعون .
وقال مجاهد أيضا إرم أمة من الأمم ، وقال قتادة هي قبيلة من عاد ، وقيل هما عادان فالأولى هي إرم ، قال معمر إرم إليه مجتمع عاد وثمود وكان يقال عاد إرم وعاد ثمود وكانت القبيلتان تنسب إلى إرم ، قال أبو عبيدة هما عادان فالأولى إرم .
ومعنى ذات العماد ذات القوة والشدة مأخوذ من قوة الأعمدة ، كذا قال الضحاك وقال قتادة ومجاهد أنهم كانوا أهل عمد سيارة في الربيع ، فإذا هاج النبت رجعوا إلى منازلهم ، وقال مقاتل ذات العماد يعني طولهم ، وكان طول الرجل منهم إثني عشر ذراعا ، يقال رجل طويل العماد أي القامة .
قال أبو عبيدة ذات العماد ذات الطول ، يقال رجل معمد إذا كان طويلا ، وقال مجاهد وقتادة أيضا كان عمادا لقومهم يقال فلان عميد القوم وعمودهم أي سيدهم ، وقال ابن زيد ذات العماد يعني إحكام البنيان بالعمد .
قال في الصحاح : والعماد الأبنية الرفيعة تذكر وتؤنث ، وقال عكرمة وسعيد المقبري : هي دمشق ، وعن مالك مثله ، وقال محمد بن كعب : هي الأسكندرية ، قال ابن عباس يعني بالإرم الهالك ، ألا ترى أنك تقول إرم بنو فلان ، وذات العماد يعني طولهم مثل العماد .
وعن المقدام بن معد يكرب عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه ذكر إرم ذات العماد فقال كان الرجل منهم يأتي إلى الصخرة فيحملها على كاهله فيلقيها على حي أراد فيهلكهم " أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه وفي إسناده رجل مجهول لأن معاوية بن صالح رواه عمن حدثه عن المقدام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.