في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (12)

والمألوف في سياق القرآن أن يعرض صفحتين متقابلتين في مشاهد القيامة . فهو يعرض هنا صفحة المؤمنين في مقابل صفحة الكافرين ، تتمة لمدلول الآية الثانية في السورة : ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) . . بذكر الجزاء بعد ذكر الإبتلاء :

( إن الذين يخشون ربهم بالغيب ، لهم مغفرة وأجر كبير ) . .

والغيب المشار إليه هنا يشمل خشيتهم لربهم الذي لم يروه ، كما يشمل خشيتهم لربهم وهم في خفية عن الأعين ، وكلاهما معنى كبير ، وشعور نظيف ، وإدراك بصير . يؤهل لهذا الجزاء العظيم الذي يذكره السياق في إجمال : وهو المغفرة والتكفير ، والأجر الكبير .

ووصل القلب بالله في السر والخفية ، وبالغيب الذي لا تطلع عليه العيون ، هو ميزان الحساسية في القلب البشري وضمانة الحياة للضمير . . قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا طالوت بن عباد ، حدثنا الحارث بن عبيد ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : قالوا : يا رسول الله إنا نكون عندك على حال ، فإذا فارقناك كنا على غيره . قال : " كيف أنتم وربكم ? " قالوا : الله ربنا في السر والعلانية . قال : " ليس ذلكم النفاق " . .

فالصلة بالله هي الأصل . فمتى انعقدت في القلب فهو مؤمن صادق موصول .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (12)

{ 12 } { إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }

لما ذكر حالة الأشقياء الفجار ، ذكر حالة السعداء الأبرار{[1175]}  فقال : { إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ } أي : في جميع أحوالهم ، حتى في الحالة التي لا يطلع عليهم فيها إلا الله ، فلا يقدمون على معاصيه ، ولا يقصرون فيما أمر به{[1176]} { لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } لذنوبهم ، وإذا غفر الله ذنوبهم ؛ وقاهم شرها ، ووقاهم عذاب الجحيم ، ولهم أجر كبير ، وهو ما أعده لهم في الجنة ، من النعيم المقيم ، والملك الكبير ، واللذات [ المتواصلات ] ، والمشتهيات ، والقصور [ والمنازل ] العاليات ، والحور الحسان ، والخدم والولدان .

وأعظم من ذلك وأكبر ، رضا الرحمن ، الذي يحله الله على أهل الجنان{[1177]} .


[1175]:- في ب: ذكر وصف الأبرار السعداء.
[1176]:- في ب: ولا يقصرون عما أمرهم به.
[1177]:- في ب: الذي يحله على ساكني الجنان.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (12)

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (12)

قوله تعالى : { إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير 12 وأسرّوا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور 13 ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير 14 هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور } .

ذلك تذكير بأهمية التقوى واستدامة الخوف من الله ، والاستشعار بأن الله رقيب عليم بالسر والعلن . وبذلك يبادر المرء لاجتناب المعاصي والمحظورات في غفلة الناس وغياب الناظرين . وهو قوله سبحانه : { إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير } يبين الله لعباده المؤمنين الذين يخافونه ويعبدونه ويطيعونه وهم لا يرونه ، أولئك يستر الله عليهم الذنوب بالعفو عنها ، ويجزيهم حسن الجزاء .