في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَأَيَّ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُنكِرُونَ} (81)

78

وكم هنالك من آيات من هذا النوع الحاضر المتناثر في الكون ، لا يملك إنسان أن ينكره وهو جاد :

( ويريكم آياته . فأي آيات الله تنكرون ? )

نعم إن هنالك من ينكر . وهنالك من يجادل في آيات الله . وهنالك من يجادل بالباطل ليدحض به الحق . ولكن أحداً من هؤلاء لا يجادل إلا عن التواء ، أو غرض ، أو كبر ، أو مغالطة ، لغاية أخرى غير الحقيقة .

هنالك من يجادل لأنه طاغية كفرعون وأمثاله ، يخشى على ملكه ، ويخشى على عرشه ، لأن هذا العرش يقوم على أساطير يذهب بها الحق ، الذي يثبت بثبوت حقيقة الألوهية الواحدة !

وهنالك من يجادل لأنه صاحب مذهب في الحكم كالشيوعية يتحطم إذا ثبتت حقيقة العقيدة السماوية في نفوس البشر . لأنه يريد أن يلصق الناس بالأرض ؛ وأن يعلق قلوبهم بمعداتهم وشهوات أجسادهم ؛ وأن يفرغها من عبادة الله لتعبد المذهب أو تعبد الزعيم !

وهنالك من يجادل لأنه ابتلي بسيطرة رجال الدين - كما وقع في تاريخ الكنيسة في العصور الوسطى - ومن ثم فهو يريد الخلاص من هذه السيطرة . فيشتط فيرد على الكنيسة إلهها ، الذي تستعبد باسمه الناس !

وهنالك أسباب وأسباب . . غير أن منطق الفطرة ينفر من هذا الجدال ، ويقر بالحقيقة الثابتة في ضمير الوجود ؛ والتي تنطق بها آيات الله بعد كل جدال !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَأَيَّ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُنكِرُونَ} (81)

79

المفردات :

آياته : دلائل قدرته في الآفاق وفي أنفسكم .

فأي آيات الله تنكرون : الدالة على ما ذكر من تلك الآيات ، فإنها لوضوحها وظهورها لا تقبل الإنكار .

التفسير :

81- { ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون } .

الله تعالى يريكم دلائل قدرته في البر والبحر والجوّ ، والليل والنهار ، والشمس والقمر ، والنور والظلام ، والصيف والشتاء ، والتقدم العلمي ، وأدلة القدرة في الأنفس والآفاق ، فأيّ هذه الآيات الباهرات تنكرون دلالتها على قدرة الله ، إن هذه المخلوقات البديعة لم يَدّع أحد أنه خلقها ، ثم هي لم تخلُقْ نفسها ، فلم يبق إلا أن تكون مخلوقة لله رب العالمين .

وقد ختمت الآية بهذا الاستفهام الإنكاري ، منكرة على المخاطبين الجحود والكفر ، وقريب من ذلك ما ورد في الآيتين60 ، 61 من سورة النمل ، حيث يقول الله تعالى : { أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون * أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون } . ( النمل : 60 ، 61 ) .

ويقول سبحانه وتعالى : { أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها * رفع سمكها فسواها } . ( النازعات : 28 ، 27 ) .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَأَيَّ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُنكِرُونَ} (81)

{ وَيُرِيكُمْ ءاياته } أي دلائله الدالة على كمال شؤونه جل جلاله { فَأَىُّ ءايات الله } أي فأي آية من تلك الآيات الباهرة { تُنكِرُونَ } فإن كلاً منها من الظهور بحيث لا يكاد يجترىء على إنكارها من له عقل في الجملة ، فأي للاستفهام التوبيخي وهي منصوبة بتنكرون ، وإضافة الآيات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة وتهويل إنكارها وتنكير أي في مثل ما ذكر هو الشائع المستفيض والتأنيث قليل ومنه قوله

: بأي كتاب أم بأية سنة *** ترى حبهم عاراً علي وتحسب

قال الزمخشري : لأن التفرقة بين المذكر والمؤنث في الأسماء غير الصفات نحو حمار وحمارة غريب وهي في أي أغرب لإبهامه لأنه اسم استفهام عما هو مبهم مجهول عند السائل والتفرقة مخالفة لما ذكر لأنها تقتضي التمييز بين ما هو مؤنث ومذكر فيكون معلوماً له .