الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَأَيَّ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُنكِرُونَ} (81)

قوله : { فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ } : منصوبٌ ب " تُنْكِرون " وقُدِّمَ وجوباً ؛ لأنَّ له صَدْرَ الكلامِ . قال مكي : " ولو كان مع الفعلِ هاءٌ لكان الاختيارُ الرفعَ في " أي " بخلافِ ألفِ الاستفهامِ تَدْخُلُ على الاسمِ ، وبعدها فعلٌ واقعٌ على ضميرِ الاسمِ ، فالاختيارُ النصبُ نحو قولِك : أزيداً ضَرَبْتُه ، هذا مذهبُ سيبويهِ فرَّقَ بين الألفِ وبين أيّ " قلت : يعني أنَّك إذا قلتَ : " أيُّهم ضربْتَه " كان الاختيارُ الرفعَ لأنه لا يُحْوِج إلى إضمارٍ ، مع أنَّ الاستفهامَ موجودٌ في " أزيداً ضربْتُه " يُختار النصبُ لأجلِ الاستفهامِ فكان مُقْتضاه اختيارَ النصبِ أيضاً ، فيما إذا كان الاستفهامُ بنفس الاسمِ . والفرقُ عَسِرٌ . وقال الزمخشري : " فأيَّ آياتِ جاءتْ على اللغةِ المستفيضةِ . وقولك : " فأيةَ آياتِ اللَّهِ " قليلٌ ؛ لأنَّ التفرقةَ بين المذكرِ والمؤنثِ في الأسماءِ غير الصفاتِ نحو : حِمار وحِمارة غريبٌ ، وهو في " أَيّ " أغربُ لإِبهامِه " . قال الشيخ : " ومِنْ قِلَّةِ تأنيثِ " أيّ " قولُه :

3945 بأيِّ كتابٍ أم بأيةِ سُنَّةٍ *** ترى حُبَّهم عاراً عليَّ وتَحْسَبُ

قوله : " وهو في أيّ أغربُ " إنْ عنى " أيًّا " على الإِطلاق فليس بصحيحٍ ، لأنَّ المستفيضَ في النداء أَنْ يُؤَنَّثَ في نداء المؤنث كقولِه تعالى : { يأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ } [ الفجر : 27 ] ولا نعلَمُ أحداً ذكر تَذْكيرها فيه ، فيقولُ : يا أيُّها المرأة ، إلاَّ صاحبَ " البديع في النحو " ، وإنْ عنى غيرَ المناداةِ فكلامُه صحيحٌ يَقِلُّ تأنيثها في الاستفهامِ وموصولةً وشرطيةً " . قلت : وأمَّا إذا وقعَتْ صفةً لنكرةٍ وحالاً لمعرفةٍ ، فالذي ينبغي أَنْ يجوزَ الوجهان كالموصولةِ ، ويكون التأنيثُ أقلَّ نحو : " مررتُ بامرأةٍ أيةِ امرأة " و " جاءَتْ هندٌ أيةَ امرأةٍ " ، وكان ينبغي للشيخِ أن ينبِّهَ على هذين الفرعَيْنِ .