في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ} (31)

ولكنه ظل خير منه الوهج : ( لا ظليل ولا يغني من اللهب ) . . إنه ظل خانق حار لافح . وتسميته بالظل ليست إلا امتدادا للتهكم ، وتمنية بالظل تتكشف عن حر جهنم !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ} (31)

وألوان عذاب الكافرين

{ انطلقوا إلى ما كنتم به تكذّبون 29 انطلقوا إلى ظلّ ذي ثلاث شعب 30 لا ظليل ولا يغني من اللهب 31 إنها ترمي بشرر كالقصر 32 كأنه جمالة صفر 33 ويل يومئذ للمكذبين 34 هذا يوم لا ينطقون 35 ولا يؤذن لهم فيعتذرون 36 ويل يومئذ للمكذبين37 هذا يوم الفصل جمعناكم والأوّلين 38 فإن كان لكم كيد فكيدون 39 ويل يومئذ للمكذبين 40 }

المفردات :

ظل : هو دخان جهنم .

ثلاث شعب : فرق ثلاث كالذوائب .

لا ظليل : غير مظل من الحرّ .

لا يغني من اللهب : لا يدفع شيئا من لهب جهنم .

التفسير :

31- انطلقوا إلى ما كنتم به تكذّبون* انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب* لا ظليل ولا يغني من اللهب .

أي : سيروا إلى عذاب جهنم التي كنتم تكذّبون بها ، وتستبعدون أن تنالكم ، وتدّعون أنكم قادرون على أن تهزموا حرّاس جهنم التسعة عشر وتخرجوا منها ، فأخبركم الله أنهم ملائكة ، وإذا كلفكم الله بأمر أعطاهم القدرة على تنفيذه .

انطلقوا إلى ظلّ ذي ثلاث شعب .

هناك في يوم القيامة مواقف متعددة ، ومن هذه المواقف العذاب تحت ظلّ في جهنم ، هذا الظل ليس باردا مريحا ، ولا واقيا من حر الشمس ، وليس له حيطان وستور تحمي من لهب النار .

كما قال تعالى : لا بارد ولا كريم . ( الواقعة : 44 ) .

فتسميته بالظل من باب التهكم أو المقابلة ، حيث يتمتع المؤمنون بظل ظليل .

قال تعالى : ودانية عليهم ظلالها . . . ( الإنسان : 14 ) .

أما الكفار فقال الله عنهم : وظلّ من يحموم* لا بارد ولا كريم . ( الواقعة : 43 ، 44 ) .

إن الظل ألوان من العذاب ، فأحيانا يكون الظل تحتهم وفوقهم ، قال تعالى : لهم من فوقهم ظلال من النار ومن تحتهم ظلل . . . ( الزمر : 16 ) .

والظل في جهنم من كثرته وطوله وقوّته يتشعب إلى ثلاث شعب ، ربما كانت واحدة فوقهم ، وأخرى تحت رجلهم ، وثالثة عن يسارهم ، كفانا الله شر النار وعذاب النار .

قال تعالى : يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم . . . ( العنكبوت : 55 ) .

لا ظليل ولا يغني من اللهب .

إنه ظل خانق يأخذ بالأنفاس ، ويتسبّب في شدة العطش ، ولا يحمي من لهب جهنم ، والشمس تلفح الكافرين وتسفعهم ، وتأخذ بأنفاسهم ، أما المؤمنون فيظلّون في ظل عرش الله يوم لا ظلّ إلا ظله .

وذهب بعض المفسرين إلى أن ظل جهنم ينقسم إلى ثلاث شعب : شعبة للمنافقين ، وشعبة للكافرين ، وشعبة لعصاة المؤمنين ، وكل شعبة تناسب أصحابها ، وتناسب حجم العذاب الذي يستحقونه منها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ} (31)

ثم وصف ذلك فقال :{ لا ظليل } يظل من الحر ، { ولا يغني من اللهب } قال الكلبي : لا يرد لهب جهنم عنكم ، والمعنى أنهم إذا استظلوا بذلك الظل لم يدفع عنهم حر اللهب .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ} (31)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{لا ظليل}: لا بارد.

{ولا يغني من اللهب} يقول: من ذلك السرادق الذي قد أحاط حولهم.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"لا ظَلِيلٍ" يقول: لا هو يظلهم من حرّها.

"وَلا يُغْنِي مِنَ اللّهَبِ": ولا يُكِنّهم من لهبها.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

(لا ظليل) معناه غير مانع من الأذى يستر عنه، فالظليل: المانع من الأذى بستره عنه، ومثله الكنين، فالظليل من الظلة، وهي السترة، والكنين من الكن، فظل هذا الدخان لا يغني الكفار من حر النار شيئا، وبين ذلك بقوله: (ولا يغني من اللهب) والإغناء: إيجاد الكفاية بما يكون وجود غيره وعدمه سواء، يقال: أغنى عنه أي كفى في الدفع عنه.

واللهب: ارتفاع الشرر، وهو اضطرام النار.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{لاَّ ظَلِيلٍ} تهكم بهم وتعريض بأن ظلهم غير ظل المؤمنين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان ما انتفى عنه غزارة الظل التي أفهمتها صيغة المبالغة قد يكون فيه نفع ما قال: {ولا يغني} أي شيئاً من إغناء {من اللهب} أي هذا الجنس.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الظليل: القوي في ظِلاله، اشتق له وصف من اسمه لإفادة كماله فيما يراد منه مثل: لَيْلٌ ألْيَلُ، وشِعْرٌ شَاعِرٌ، أي ليس هو مثل ظل المؤمنين قال تعالى: {ونُدخلهم ظِلاًّ ظليلاً} [النساء: 57] وفي هذا تحسير لهم وهو في معنى قوله تعالى: {وظِلَ من يَحموم لا بَارِد ولا كريم} [الواقعة: 43، 44].

وجُرّ {ظليل} على النعت ل {ظل}، وأقحمت {لا} فصارت من جملة الوصف ولا يظهر فيها إعراب كما تقدم في قوله تعالى: {إنها بقرةٌ لاَ فَارض ولا بِكْر} [البقرة: 68] وشأن {لا} إذا أدخلت في الوصف أن تكرر فلذلك أعيدت في قوله: {ولا يغني من اللهب}.

والإِغناء: جعل الغير غنياً، أي غير محتاج في ذلك الغرض، وتعديته ب (مِن) على معنى البدلية أو لتضمينه معنى: يُبعد، ومثله قوله تعالى: {وما أُغني عنكم من الله مِنْ شيء} [يوسف: 67]. وبذلك سلب عن هذا الظل خَصائص الظلال؛ لأن شأن الظل أن ينفس عن الذي يأوي إليه أَلَم الحر.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ} (31)

ولما كان المتبادر من الظل ما يستروح إليه فظنوا ذلك{[70917]} ، أزال عنهم هذا التوهم على طريق التهكم بهم ليكون أشد في النكال فقال واصفاً ل " ذي " : { لا ظليل } أي من الحر بوجه من الوجوه . ولما كان ما انتفى عنه{[70918]} غزارة الظل التي أفهمتها صيغة المبالغة قد يكون فيه نفع ما قال : { ولا يغني } أي شيئاً من إغناء { من اللهب * } أي هذا الجنس .


[70917]:من ظ و م، وفي الأصل: لك.
[70918]:زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.