بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ} (31)

ثم قال عز وجل : { انطلقوا إلى ظِلّ ذِي ثلاث شُعَبٍ لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللهب } وذلك أنه يخرج عنق من النار ، فيحيط الكفار مثل السرادق ، ثم يخرج من دخان جهنم ظل أسود ، فيفرق فيهم ثلاث فرق رؤوسهم ، فإذا فرغ من عرضهم قيل لهم { انطلقوا إلى ظِلّ ذِي ثلاث شُعَبٍ لاَّ ظَلِيلٍ } ينفعهم { وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللهب } يعني : السرادق من لهب النار . وقال القتبي : وذلك أن الشمس تدنو من رؤوسهم ، يعني : رؤوس الخلق أجمع ، وليس عليهم يومئذ لباس ، ولا لهم أكنان . ينجي الله تعالى برحمته من يشاء إلى ظل من ظله .

ثم قال للمكذبين : انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون من عذاب الله وعقابه ، { انطلقوا إلى ظل } ، أي : دخان من نار جهنم قد يسطع . ثم افترق ثلاث فرق ، فيكونون فيه ، إلى أن يفرغ من الحساب ، كما يكون أوليائه في ظله . ثم يؤمر لكل فريق إلى مستقره الجنة ، أو إلى النار .

ثم وصف الظل فقال { لاَّ ظَلِيلٍ } يعني : لا يظلكم من حر هذا اليوم ، بل يزيدكم من لهب النار ، إلى ما هو أشد عليكم من حر الشمس { وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللهب } وهذا مثل قوله { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } [ الواقعة : 43 ] وهو الدخان وهو سرادق أهل النار ، كما ذكر المفسرون .