مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ} (31)

الصفة الثانية : لذلك الظل قوله : { لا ظليل } وهذا تهكم بهم وتعريض بأن ظلهم غير ظل المؤمنين ، والمعنى أن ذلك الظل لا يمنع حر الشمس .

الصفة الثالثة : قوله تعالى : { ولا يغني من اللهب } يقال : أغن عني وجهك ، أي أبعده لأن الغني عن الشيء يباعده ، كما أن المحتاج يقاربه ، قال صاحب الكشاف : إنه في محل الجر ، أي وغيره مغن عنهم ، من حر اللهب شيئا ، قال القفال : وهذا يحتمل وجهين ( أحدهما ) أن هذا الظل إنما يكون في جهنم ، فلا يظلهم من حرها ، ولا يسترهم من لهيبها ، وقد ذكر الله في سورة الواقعة الظل فقال : { في سموم وحميم ، وظل من يحموم ، لا بارد ولا كريم } وهذا كأنه في جهنم إذا دخلوها ، ثم قال : { لا بارد ولا كريم } فيحتمل أن يكون قوله : { لا ظليل } في معنى : { لا بارد } وقوله : { ولا يغنى من اللهب } في معنى : { ولا كريم } أي لا روح له يلجأ إليه من لهب النار ( والثاني ) أن تكون ذلك إنما يكون قبل أن يدخلوا جهنم بل عندما يحسبون للحساب والعرض ، فيقال لهم : إن هذا الظل لا يظلكم من حر الشمس ولا يدفع لهب النار ، وفي الآية ( وجه ثالث ) وهو الذي قاله قطرب : وهو أن اللهب هاهنا هو العطش يقال : لهب لهبا ورجل لهبان وامرأة لهبى .