في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفۡتَحُ بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِيمُ} (26)

22

ثم الإيقاع الرابع :

( قل : يجمع بيننا ربنا ، ثم يفتح بيننا بالحق ، وهو الفتاح العليم ) . .

ففي أول الأمر يجمع الله بين أهل الحق وأهل الباطل ، ليلتقي الحق بالباطل وجهاً لوجه ، وليدعو أهل الحق إلى حقهم ، ويعالج الدعاة دعوتهم . وفي أول الأمر تختلط الأمور وتتشابك ، ويصطرع الحق والباطل ؛ وقد تقوم الشبهات أمام البراهين ؛ وقد يغشى الباطل على الحق . . ولكن ذلك كله إلى حين . . ثم يفصل الله بين الفريقين بالحق ، ويحكم بينهم حكمه الفاصل المميز الحاسم الأخير . . ( وهو الفتاح العليم ) . . الذي يفصل ويحكم عن علم وعن معرفة بين المحقين والمبطلين . .

وهذا هو الاطمئنان إلى حكم الله وفصله . فالله لا بد حاكم وفاصل ومبين عن وجه الحق . وهو لا يترك الأمور مختلطة إلا إلى حين . ولا يجمع بين المحقين والمبطلين إلا ريثما يقوم الحق بدعوته ، ويبذل طاقته ، ويجرب تجربته ؛ ثم يمضي الله أمره ويفصل بفصله .

والله سبحانه هو الذي يعلم ويقدر متى يقول كلمة الفصل . فليس لأحد أن يحدد موعدها ، ولا أن يستعجلها . فالله هو الذي يجمع وهو الذي يفتح . ( وهو الفتاح العليم ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قُلۡ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفۡتَحُ بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِيمُ} (26)

24

{ قل يجمع بيننا وربنا ثم يفتتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم } .

التفسير :

تستمر كلمة قل : لفتا لهم واستنهاضا لهمهم .

والمعنى : قل لهم : إن يوم القيامة هو يوم الجمع حيث يجمع الله الجميع من المؤمنين والكافرين ليقضي بينهم بحكمه فهو الحاكم العادل وهو العليم بأهل الهدى والضلال ويطلق الفاتح على القاضي والحاكم لنه يفتح طريق الحق ويظهره .

قال القرطبي في تفسير الآية :

{ قل يجمع بيننا ربنا . . . } يريد يوم القيامة .

{ ثم يفتح بيننا بالحق . . . } أي يقضي فيثيب المهتدي ويعاقب الضال .

{ وهو الفتاح } : أي القاضي بالحق { العليم } : بأحوال الخلق .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُلۡ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفۡتَحُ بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِيمُ} (26)

ولما كانوا إما أن يجيبوا إلى المتاركة فيحصلوا بها المقصود عن قريب{[56861]} ، وإما أن يقولوا : لا نترككم ، وكان هذا الاحتمال أرجح ، أمره أن يجيبهم على تقديره بقوله : { قل يجمع بيننا ربنا } أي في{[56862]} قضائه المرتب{[56863]} على قدره في الدنيا أو في الأخرة ، قال القشيري : والشيوخ ينتظرون في الاجتماع زوائد ويستروحون{[56864]} إلى هذا الآية ، وللاجتماع أمر كبير في الشريعة .

ولما كان إنصافهم{[56865]} منهم في غاية البعد عندهم ، وكان ذلك في نفسه في غاية العظمة ، أشار إليه بأداة البعد فقال : { ثم يفتح } أي يحكم { بيننا } حكماً يسهل به الطريق { بالحق } أي الأمر الثابت الذي لا يقدر أحد منا ولا منكم على التخلف عنه ، وهو العدل أو الفضل من غير ظلم ولا ميل . ولما كان التقدير : فهو الجامع القدير ، عطف عليه قوله : { وهو الفتاح } أي البليغ{[56866]} الفتح لما انغلق ، فلم يقدر أحد على فتحه { العليم * } أي البالغ العلم بكل دقيق وجليل مما يمكن فيه الحكومات ، فهو القدير على فصل جميع الخصومات .


[56861]:في ظ وم ومد: قليل.
[56862]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: على.
[56863]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: المترتب.
[56864]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: يستريحون.
[56865]:من م ومد، وفي الأصل وظ: اتصافهم.
[56866]:زيد في الأصل: في، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.