في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

وإذا هم يتعاطون فيها كأسا ليست كخمر الدنيا تطلق اللغو والهذر من الشفاه والألسنة ، وتشيع الإثم والمعصية في الحس والجوارح . إنما هي مصفاة مبرأة : ( لا لغو فيها ولا تأثيم ) . . وهم يتجاذبونها بينهم ويتعاطونها مجتمعين ، زيادة في الإيناس واللذة والنعيم .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

21

المفردات :

يتنازعون : يتجاذبون تجاذب ملاعبة وسرور .

كأسا : إناء به خمر ، والكأس مؤنث سماعي كالخمر .

لا لغو فيها : أي في شرابها ، فلا يتكلمون في أثناء الشراب بلغو الحديث وسَقَط الكلام .

ولا تأثيم : ولا يُفحشون في القول ، كما هو ديدن النُّدامى في الدنيا ، فإنهم كثيرو اللغو ، فعَّالون للآثام .

التفسير :

23- { يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لاَ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } .

يتجاذبون في الجنة كأس الخمر تَجاذُبَ ملاطفة وفرح وحُبور ، فيما بينهم لشدَّة سرورهم .

كما قال الأخطل :

نازعته طيّب الراح الشَّمول وقد *** صاح الدجاج وحانت وقعة السَّاري

وليس في شراب الجنة ما في الدنيا من اللغو والباطل والإثم ، عند زوال العقل بسبب الخمر ، وإنما ينطقون بالحِكم وأحاسن الكلام ، ويفعلون ما يفعل الكرام ، وقد مدح الله خمر الجنة بأنها لذة ، وأنها لا تغتال عقول شاربيها ، وأنها لا تنفد ، وأن شكلها أبيض جميل ، وأنها لذيذة الطعم .

قال تعالى : { بيضاء لذّة للشاربين*لا فيها غول ولا هم عنها يُنزفون } .

( الصافات : 46-47 ) .

وقال تعالى : { لا يُصدَّعون عنها ولا يُنزفون } . ( الواقعة : 19 )

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

{ يتنازعون فيها كأسا } أي يتجاذبون للمداعبة ، أو يتعاطفون فيها إناء فيه الشراب المسمى خمرا . أو نفس الشراب الذي في الإناء . { لا لغو فيها ولا تأثيم } أي لا يصدر منهم في شربها كلام ساقط لا خير فيه ، ولا يأتون ما يؤثم به فاعله ؛ وإنما يتحدثون بأحاسن الكلام ، لا كما يحصل بين ندامى الخمر في الدنيا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

قوله تعالى : { يتنازعون } يتعاطون ويتناولون ، { فيها كأساً لا لغو فيها } وهو الباطل ، وروي ذلك عن قتادة ، وقال مقاتل بن حيان : لا فضول فيها . وقال سعيد بن المسيب : لا رفث فيها . وقال ابن زيد : لا سباب ولا تخاصم فيها . وقال القتيبي : لا تذهب عقولهم فيلغوا ويرفثوا ، { ولا تأثيم } أي : لا يكون منهم ما يؤثمهم . قال الزجاج : لا يجري بينهم ما يلغي ولا ما فيه إثم كما يجري في الدنيا بشربة الخمر وقيل : لا يأثمون في شربها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{يتنازعون فيها} يعني يتعاطون في الجنة، تعطيهم الخدم بأيديهم ري المخدوم من الأشربة، فهذا التعاطي {كأسا} يعني الخمر {لا لغو فيها ولا تأثيم} يعني لا حلف في شربهم، ولا مأثم يعني ولا كذب، كفعل أهل الدنيا إذا شربوا الخمر، نظيرها في الواقعة...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"يَتَنازَعُونَ فِيها كأسا "يقول: يتعاطون فيها كأس الشراب، ويتداولونها بينهم...

وقوله: "لا لَغْوٌ فِيها" يقول: لا باطل في الجنة، والهاء في قوله «فيها» من ذكر الكأس، ويكون المعنى لما فيها الشراب، بمعنى: أن أهلها لا لغو عندهم فيها ولا تأثيم، واللغو: الباطل.

وقوله: "وَلا تَأْثِيمٌ" يقول: ولا فعل فيها يُؤثم صاحبه. وقيل: عنى بالتأثيم: الكذب...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

الكأس هو الخمر...

هو الإناء المملوء من الخمر، وأما الذي لا شراب فيه فهو الإناء.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

["لا لَغْوٌ فِيها"]: لا فضول فيها...

لا رفث فيها...

لا سباب ولا تخاصم فيها...

لا يذهب بعقولهم فيلغوا ويرفثوا، وقال ابن عطاء: أي لغو يكون في مجلس محلّه جنة عدن، والساقي فيه الملائكة، وشربهم على ذكر الله، وريحانهم تحية من عند الله مباركة طيبة، والقوم أضياف الله {وَلاَ تَأْثِيمٌ} أي فعل يؤثمهم، وهو تفعيل من الإثم، يعني: إنّهم لا يأثمون في شربها...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

وإنما يتكلمون بالحكم والكلام الحسن متلذذين بذلك، لأنّ عقولهم ثابتة غير زائلة، وهم حكماء علماء.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

فنزه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وأذاها، فنفى عنها -كما تقدم- صداع الرأس، ووجع البطن، وإزالة العقل بالكلية، وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيئ الفارغ عن الفائدة المتضمن هَذَيَانا وفُحشا، وأخبر بحسن منظرها، وطيب طعمها ومخبرها...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ} أي: ليس في الجنة كلام لغو، وهو الذي لا فائدة فيه، ولا تأثيم وهو الذي فيه إثم ومعصية، وإذا انتفى الأمران، ثبت الأمر الثالث، وهو أن كلامهم فيها سلام طيب طاهر، مسر للنفوس، مفرح للقلوب، يتعاشرون أحسن عشرة، ويتنادمون أطيب المنادمة، ولا يسمعون من ربهم، إلا ما يقر أعينهم، ويدل على رضاه عنهم [ومحبته لهم].

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والتنازع أطلق على التداول والتعاطي...

. والمعنى: أن بعضهم يصبّ لبعض الخمرَ ويناوله إيثاراً وكرامة. وليس المراد أنهم يشربون في كأس واحدة بأخذ أحدهم من آخر كأسه. ويجوز أن يراد بالكأس الخمر.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

{ يتنازعون } يتناولون ويأخذ بعضهم من بعض { فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم } لا يجري بينهم فيها باطل ولا اثم كما يجري بين شربة الخمر في الدنيا

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

" يتنازعون فيها كأسا " أي يتناولها بعضهم من بعض وهو المؤمن وزوجاته وخدمه في الجنة . والكأس : إناء الخمر وكل إناء مملوء من شراب وغيره ، فإذا فرغ لم يسم كأسا وشاهد التنازع والكأس في اللغة قول الأخطل :

وشاربٍ مُرْبِحٍ بالكأس نادمني *** لا بالحضور ولا فيها بِسَوَّارِ{[14301]}

نازعتُه طيب الرَّاحِ الشَّمُولِ وقد *** صاح الدجاج وحانت وَقْعَةُ السَّارِي

وقال امرؤ القيس :

فلما تنازعنا الحديث وأَسْمَحَتْ *** هَصَرْتُ بِغُصْنِ ذي شَمَارِيخَ مَيَّالِ

وقد مضى هذا في " والصافات{[14302]} " . " لا لغو فيها " أي في الكأس أي لا يجري بينهم لغو " ولا تأثيم " ولا ما فيه إثم . والتأثيم تفعيل من الإثم ، أي تلك الكأس لا تجعلهم آثمين لأنه مباح لهم . وقيل : " لا لغو فيها " أي في الجنة . قال ابن عطاء : أي لغو يكون في مجلس محله جنة عدن ، وسقاتهم الملائكة ، وشربهم على ذكر الله ، وريحانهم وتحيتهم من عند الله ، والقوم أضياف الله ! " ولا تأثيم " أي ولا كذب ، قاله ابن عباس . الضحاك : يعني لا يكذب بعضهم بعضا . وقرأ ابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو : " لا لغو فيها ولا تأثيم " بفتح آخره . الباقون بالرفع والتنوين . وقد مضى هذا في " البقرة{[14303]} " عند قوله تعالى : " ولا خلة ولا شفاعة " [ البقرة : 254 ] والحمد لله .


[14301]:مربح: ينحر لضيفانه الربح وهي الفصلان، ويروي: مرتج وهو الذي كأسه ملأى بالخمر فيسكر ولا يتغير عن أخلاقه الحميدة. والحصور الضيق البخيل مثل الحصير. والسوار هو المعربد الوثاب، ويروى بستأر وهو الذي إذا شرب ترك بقية في قعر الإناء. والدجاج هنا المراد به الديكة يريد وقت السحر، يقال هذا دجاج فيريدون الديوك. وهذه دجاج فيريدون الأنثى. ووقعة الساري ـ ويروى وقفة الساري ـ من وقعت الإبل إذا بركت. والساري هو السائر بالليل. وفي نسخ الأصل كلها: في الكأس نازعني. والتصحيح كما أثبتناه في صدر الكتاب من ديوان الأخطل طبع اليسوعيين.
[14302]:راجع جـ 15 ص 77... ففيها الكلام على الكأس.
[14303]:راجع جـ 3 ص 267.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

{ يتنازعون فيها كأسا } أي : يتعاطونها إذ هم جلساء على الشراب .

{ لا لغو فيها ولا تأثيم } اللغو الكلام الساقط والتأثيم الذنب فهي بخلاف خمر الدنيا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

ولما كان هذا النعيم العظيم المقيم يدعو إلى المعاشرة ، بالقرينة العاطرة ، بين أن ذلك حالهم اللازمة الظاهرة ، من الخصال اللائقة الطاهرة ، فقال : { يتنازعون } أي يشربون متجاذبين مجاذبة الملاعبة لفرط المحبة والسرور وتحلية المصاحبة { فيها كأساً } أي خمراً من رقة حاشيتها تكاد أن لا ترى في كأسها . ولما كان في خمر الدنيا غوائل نفاها عنها فقال : { لا لغو } أي سقط مما يضر ولا ينفع { فيها } أي في تنازعها ولا بسبها لأنها لا تذهب بعقولهم ولا يتكلمون إلا بالحسن الجميل { ولا تأثيم * } أي ولا شيء فيها مما يلحق شرَّابها إثما ولا يسوغ نسبه .