في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ} (19)

ثم تجيء الآيات الأربع الخاصة بتوجيه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] في شأن الوحي وتلقي هذا القرآن :

( لا تحرك به لسانك لتعجل به . إن علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه ) . .

وبالإضافة إلى ما قلناه في مقدمة السورة عن هذه الآيات ، فإن الإيحاء الذي تتركه في النفس هو تكفل الله المطلق بشأن هذا القرآن : وحيا وحفظا وجمعا وبيانا ؛ وإسناده إليه سبحانه وتعالى بكليته . ليس للرسول [ صلى الله عليه وسلم ] من أمره إلا حمله وتبليغه . ثم لهفة الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وشدة حرصه على استيعاب ما يوحى إليه ؛ وأخذه مأخذ الجد الخالص ، وخشيته أن ينسى منه عبارة أو كلمة ، مما كان يدعوه إلى متابعة جبريل عليه السلام في التلاوة آية آية وكلمة كلمة يستوثق منها أن شيئا لم يفته ، ويتثبت من حفظه له فيما بعد !

وتسجيل هذا الحادث في القرآن المتلو له قيمته في تعميق هذه الإيحاءات التي ذكرناها هنا وفي مقدمة السورة بهذا الخصوص .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ} (19)

التفرغ التام لسماع الوحي

{ لا تحرك به لسانك لتعجل به 16 إن علينا جمعه وقرآنه 17 فإذا قرأناه فاتبع قرآنه 18 ثم إنّ علينا بيانه 19 كلاّ بل تحبون العاجلة 20 وتذرون الآخرة 21 وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة 23 ووجوه يومئذ باسرة 24 تظن أن يفعل بها فاقرة 25 }

المفردات :

لتعجل به : لتأخذه على عجل مخافة أن يتفلّت منك .

إن علينا جمعه : إن علينا جمعه في صدرك لئلا يتفلّت منك .

وقرآنه : أي : قراءته ، أي إثباتها في لسانك .

قرأناه : قرأه جبريل عليك .

فاتّبع قرآنه : فاستمع قراءته ، وكررها حتى ترسخ في نفسك .

بيانه : تفسير ما فيه من الحلال والحرام ، وبيان ما أشكل من معانيه .

16

التفسير :

16 ، 17 ، 18 ، 19- لا تحرك به لسانك لتعجل به* إن علينا جمعه وقرآنه* فإذا قرآنه فاتبع قرآنه* ثم إن علينا بيانه .

لا تتعجل بقراءة القرآن خلف جبريل ، خشية أن يضيع منك شيء من القرآن ، بل اصمت فترة قراءة جبريل ، وتفرّغ تماما للاستمتاع والإنصات ، فقد تكفّل الله تعالى بحفظ القرآن في قلبك ، كما تكفّل الله بأن تقرأ القرآن بلسانك مرتّلا ، كما أنزل عليك .

فتمهّل والزم السماع ، فإذا قرأه جبريل عليك وانتهى من الوحي ، فأتبع ذلك بقراءتك القرآن ، كما سمعته من جبريل عليه السلام .

وتفيد الآيات ما يأتي :

النهي عن تحريك الرسول صلى الله عليه وسلم لسانه بالقرآن أثناء قراءة جبريل ، وقد تكفّل الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أمور :

1- حفظ القرآن في قلبه .

2- ضمان صيانة لسان الرسول صلى الله عليه وسلم من الزلل عند تلاوته للقرآن .

3- شرح القرآن وتفسيره للرسول صلى الله عليه وسلم .

وبذلك يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالقرآن الكريم : حفظا وتلاوة وتفسيرا .

ثم إنّ علينا بيانه .

أي : تكلفنا ببيان معاني القرآن لك ، وما فيه من الحلال والحرام والآداب والأحكام ، حتى تكون معاني القرآن واضحة في فؤادك .

قال الزمخشري :

كأنه كان يعجل في الحفظ والسؤال عن المعنى جميعا ، كما ترى بعض الحرّاص على العلم .

ونحو الآية قوله تعالى : ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما . ( طه : 114 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ} (19)

{ ثم إن علينا بيانه } أي بيان ما أشكل من معانيه وأحكامه .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ} (19)

ثم علينا بعد ذلك بيانه ، وعصمتك من الخطأ والنسيان وبيان أحكامه . وفي سورة طه 114 : { وَلاَ تَعْجَلْ بالقرآن مِن قَبْلِ أن يقضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } . وفي هذا تعليم لنا حتى نتأدب بأدب القرآن ونتدبر آياته .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ} (19)

{ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } أي بيان ما أشكل عليك من معانيه وأحكامه على ما قيل واستدل به القاضي أبو الطيب ومن تابعه على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب لمكان ثم وتعقب بأنه يجوز أن يراد بالبيان الاظهار لا بيان المجمل وقد صح من رواية الشيخين وجماعة عن الحبر انه قال في ذلك ثم ان علينا أن نبينه بلسانك وفي لفظ علينا أن تقرأه ويؤيد ذلك أن المراد بيان جميع القرآن والمجمل بعضه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ} (19)

{ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } أي : بيان معانيه ، فوعده بحفظ لفظه وحفظ معانيه ، وهذا أعلى ما يكون ، فامتثل صلى الله عليه وسلم لأدب ربه ، فكان إذا تلا عليه جبريل القرآن بعد هذا ، أنصت له ، فإذا فرغ قرأه .

وفي هذه الآية أدب لأخذ العلم ، أن لا يبادر المتعلم المعلم قبل أن يفرغ من{[1295]}  المسألة التي شرع فيها ، فإذا فرغ منها سأله عما أشكل عليه ، وكذلك إذا كان في أول الكلام ما يوجب الرد أو الاستحسان ، أن لا يبادر برده أو قبوله ، حتى يفرغ من ذلك الكلام ، ليتبين ما فيه من حق أو باطل ، وليفهمه فهما يتمكن به من الكلام عليه ، وفيها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كما بين للأمة ألفاظ الوحي ، فإنه قد بين لهم معانيه .


[1295]:- في ب: أن لا يبادر المتعلم للعلم قبل أن يفرغ المعلم.