مترفين : منعمين مقبلين على لذات أنفسهم ، لا يلوون على شيء مما جاء به الرسل .
ثم ذكر القرآن سبب معاناتهم فقال :
45- { إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ } .
متنعمين في الدنيا بألوان النعيم ، حتى بَشِموا من الشهوات ، وأذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا ، واستمتعوا بما يحل وما لا يحلّ ، ولم يقفوا عند حدّ ، ثم إنهم لم يشكروا نعمة ربهم عليهم ، ولم يفكروا فيما جاءت به الرسل ، بل رفضوه أول وهلة ، خشية أن يفرض عليهم ترك الخمر والزنا ، ويوجب عليهم الصلاة والزكاة .
ولما أنتج هذا أنه على خلق اللئيم فهو موضع الحرارة والضيق والخسة والشدة ، علله بقوله : { إنهم } أكده وإن كان فيهم أهل الضر لاجتماعهم في الاسترواح إلى منابذة الدين باتباع الشهوات ، ولأن ما مضى لهم بالنسبة إلى هذا العذاب حال ناعم ، وعبر بالكون دلالة على العراقة في ذلك ولو بتهيئهم له جبلة وطبعاً فقال : { كانوا } أي في الدنيا . ولما كان ذلك ملازماً للاستغراق في الزمان بميل الطباع ، نزع الجار فقال : { قبل ذلك } أي الأمر العظيم الذي{[62136]} وصلوا إليه { مترفين * } أي في سعة من العيش منهمكين في الشهوات مستمتعين بها متمكنين فيها لترامي طباعهم إليها فأعقبهم ما في جبلاتهم من الإخلاد إلى الترف عدم الاعتبار والاتعاظ في الدنيا والتكبر على الدعاة إلى الله ، وفي الآخرة شدة الألم لرقة أجسامهم المهيأة للترف بتعودها بالراحة بإخلادها إليها وتعويلها عليها