في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

قل : إني لن يجيرني من الله أحدا ولن أجد من دونه ملتحدا . إلا بلاغا من الله ورسالاته . . . . .

وهذه هي القولة الرهيبة ، التي تملأ القلب بجدية هذا الأمر . . أمر الرسالة والدعوة . . والرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يؤمر بإعلان هذه الحقيقة الكبيرة . . إني لن يجيرني من الله أحد ، ولن أجد من دونه ملجأ أو حماية ، إلا أن أبلغ هذا الأمر ، وأؤدي هذه الأمانة ، فهذا هو الملجأ الوحيد ، وهذه هي الإجارة المأمونة . إن الأمر ليس أمري ، وليس لي فيه شيء إلا التبليغ ، ولا مفر لي من هذا التبليغ . فأنا مطلوب به من الله ولن يجيرني منه أحد ، ولن أجد من دونه ملجأ يعصمني ، إلا أن أبلغ وأؤدي !

يا للرهبة ! ويا للروعة ! ويا للجد !

إنها ليست تطوعا يتقدم به صاحب دعوة . إنما هو التكليف . التكليف الصارم الجازم ، الذي لا مفر من أدائه . فالله من ورائه !

وإنها ليست اللذة الذاتية في حمل الهدى والخير للناس . إنما هو الأمر العلوي الذي لا يمكن التلفت عنه ولا التردد فيه !

وهكذا يتبين أمر الدعوة ويتحدد . . إنها تكليف وواجب . وراءه الهول ، ووراءه الجد ، ووراءه الكبير المتعال !

( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا . حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ) .

فهو التهديد الظاهر والملفوف لمن يبلغه هذا الأمر ثم يعصي . بعد التلويح بالجد الصارم في التكليف بذلك البلاغ .

وإذا كان المشركون يركنون إلى قوة وإلى عدد ، ويقيسون قوتهم إلى قوة محمد [ صلى الله عليه وسلم ] والمؤمنين القلائل معه ، فسيعلمون حين يرون ما يوعدون - إما في الدنيا وإما في الآخرة - ( من أضعف ناصرا وأقل عددا ) . . وأي الفريقين هو الضعيف المخذول القليل الهزيل !

ونعود إلى مقالة الجن فنجدهم يقولون : ( وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا )فنجد التعقيب على القصة يتناسق معها . ونجد القصة تمهد للتعقيب فيجيء في أوانه وموعده المطلوب !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

المفردات :

حتى إذا رأوا ما يوعدون : ما يوعدون به من العذاب في الدنيا كوقعة بدر ، أو في الآخرة بعذاب النار .

فسيعلمون : عند حلول العذاب بهم يوم بدر ، أو يوم القيامة .

من أضعف ناصرا وأقل عددا : من أضعف أعوانا ، وأقل عددا ، هو أم هم .

التفسير :

24- حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا .

حتى إذا رأى المشركون المعاندون ما يوعدون من الهزيمة في بدر ، أو عذاب جهنم يوم القيامة ، فسيعلمون من هو الضعيف المخذول ، المهزوم أمام خصمه ، هم أم المؤمنون في الدنيا ، ومن هو الضعيف المهزوم أمام الآخر ، هم أم الله عز وجل وملائكته وجنده يوم القيامة ، وقد نصر المؤمنون يوم بدر وهزم المشركون ، وفي القيامة سيدخل المؤمنون الجنة ، ويدخل الكافرون النار .

قال صاحب الظلال :

وإذا كان المشركون يركنون إلى قوة وإلى عدد ، ويقيسون قوتهم إلى قوة محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنون القلائل معه ، فسيعلمون حين يرون ما يوعدون –إما في الدنيا وإما في الآخرة- من أضعف ناصرا وأقل عددا . وأي الفريقين هو الضعيف المخذول ، القليل الهزيل . اه .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

{ فسيعلمون } إذا حل بهم العذاب في الآخرة{ من أضعف ناصرا وأقل عددا } أجند الله الذين آمنوا به ، أم هؤلاء المشركون به ! { أم يجعل له ربي أمدا } غاية بعيدة . والمراد : أنكم ستعذبون حتما ، ولكن لا أدري ! أهو حال إلى مؤجل إلى أمد بعيد !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

وعندما يرون جهنم والعذابَ الذي أُعدَّ لهم سيعلمون من هم المستضعَفون ؟ المؤمنون الموحدون لله تعالى أم المشركون الذين لا ناصرَ لهم ولا معين !

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

قوله تعالى : " حتى إذا رأوا ما يوعدون " " حتى " هنا مبتدأ ، أي " حتى إذا رأوا ما يوعدون " من عذاب الآخرة ، أو ما يوعدون من عذاب الدنيا ، وهو القتل ببدر " فسيعلمون " حينئذ " من أضعف ناصرا " أهم أم المؤمنون . " وأقل عددا " معطوف .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

ولما ذكر تلبدهم عليه وقدم ما هو الأهم من أمره من كشف غمومهم{[69259]} بإعلامهم أن ذلك الذي أنكروه عليه هو الذي يحق له ، ومن{[69260]} أنه مع{[69261]} ضعفه عن مقاواتهم هو عن{[69262]} الإعراض عن الله أضعف لأن الله أقوى من كل شيء وأنه لا يسعه إلا امتثال أمره ، وأشار إلى أنهم عاجزون عن{[69263]} سطواته سبحانه بعدم{[69264]} القدرة على الإجارة عليه ، صرح بذلك مهدداً لهم ، فقال مغيياً{[69265]} لتلبدهم عليه : { حتى إذا رأوا } أي بأبصارهم فيه { ما } أي الشيء الذي . ولما كان المنكي من الوعيد بروكه على كل من كان لأجله الوعيد{[69266]} لا كونه{[69267]} من معين قال : { يوعدون } أي ما حصل الإيعاد في الدنيا أو في الآخرة {[69268]}أما في الآخرة{[69269]} فواضح ، وأما في الدنيا فمثل إخراج النبي صلى الله عليه وسلم مع اجتماع{[69270]} المشركين على المكر به لقتله واجتهادهم في ذلك ثم سراياه وغزواته مثل غزوة بدر وغيرها من أيام الله التي ملأت الأرض نوراً وأهل الحق سروراً وحبوراً ، وأهل الباطل خسراً وبوراً ورعباً وهلاكاً وقبوراً { فسيعلمون } أي من ذلك اليوم الذي يكون{[69271]} فيه تأويله بوعد لا خلف فيه ولا طولً لأمده { من أضعف ناصراً } أي من جهة الناصر{[69272]} أنا وإن كنت في هذا الوقت وحيداً مستضعفاً أو هم{[69273]} { وأقل عدداً * } وإن كانوا الآن بحيث لا يحصيهم عدداً إلا الله سبحانه ، فيا لله ما أعظم كلام الرسل حيث يستضعفون{[69274]} أنفسهم من حيث هي ، ويذكرون قوتهم من {[69275]}جهة مولاهم الذي بيده الملك وله{[69276]} جنود السماوات والأرض بخلاف أهل الإلحاد فإنه لا كلام لهم إلا في تعظيم أنفسهم وازدراء من سواهم ، وإذا حاققت أحداً من أتباع أحد منهم قال هذا على لسان النبوة - ونحو هذا من مخادعاتهم{[69277]} .


[69259]:- في ظ: غمهم.
[69260]:- من ظ وم، وفي الأصل: مع.
[69261]:- زيد من ظ وم.
[69262]:- زيد من ظ وم.
[69263]:- زيد من ظ وم.
[69264]:- من ظ وم، وفي الأصل: بعد.
[69265]:- من ظ وم، وفي الأصل: معنا.
[69266]:- زيد في م: من.
[69267]:- من ظ وم، وفي الأصل: لكونه.
[69268]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[69269]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[69270]:- من ظ وم، وفي الأصل: إجماع.
[69271]:- من ظ وم، وفي الأصل: لا يكون.
[69272]:- من م، وفي الأصل وظ: حجة.
[69273]:- من ظ وم، وفي الأصل: هما.
[69274]:- من ظ وم، وفي الأصل: يضعفون.
[69275]:- من ظ وم، وفي الأصل: لمن.
[69276]:- من م، وفي الأصل وظ: لله.
[69277]:- من ظ وم، وفي الأصل: مخادعتهم.