قوله : { حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ } .
قال الزمخشريُّ : فإن قلت : بم تعلق حتى ، وجعل ما بعده غاية له ؟ .
قلت : بقوله : { يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } على أنهم يتظاهرون عليه بالعداوة ، ويستضعفون أنصاره ، ويستقلون عددهم { حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ } من بوم بدر ، وإظهار الله عليهم ، أو من يوم القيامة { فَسَيَعْلَمُونَ } حينئذٍ { مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً } .
قال : ويجوز أن يتعلق بمحذوف دلت عليه الحال من استضعاف الكفار ، واستقلالهم لعددهم ، كأنه قال لا يزالون على ما هم عليه ، حتى إذا رأوا ما يوعدون ، قال المشركون : متى هذا الوعد ؟ إنكاراً له .
فقال : «قُلْ » : إنه كائن لا ريب فيه .
قال أبو حيان{[58222]} : قوله : بم تعلق ، إن عنى تعلق حرف الجر فليس بصحيح لأنها حرف ابتداءٍ ، فما بعدها ليس في موضع جر خلافاً للزجاج ، وابن درستويه ، فإنهما زعما أنها إذا كان حرف ابتداءٍ فالجملة الابتدائية بعدها في موضع جر ، وإن عنى بالتعلق اتصال ما بعدها بما قبلها وكون ما بعدها غاية لما قبلها ، فهو صحيح ، وأما تقديره : أنها تتعلق بقوله : { يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } فهو بعيد جداً لطول الفصل بينهما بالجمل الكثيرة وقدر بعضهم ذلك المحذوف ، فقال : تقديره : دعهم حتَّى إذا رأوا .
وقال التبريزي : جاز أن يكون غاية لمحذوف ، ولم يبيِّن ما هو .
وقال أبو حيان{[58223]} : «والذي يظهر لي أنها غاية لما تضمنته الجملة التي قبلها من الحكم لكينونة النار لهم كأنه قيل : إن العاصي يحكم له بكينونة النار ، والحكم بذلك هو وعيد حتى إذا رأوا ما حكم بكينونته لهم فسيعلمون » .
قوله : { مَنْ أَضْعَفُ } . يجوز في «مَنْ » أن تكون استفهامية فترفع بالابتداء ، و «أضْعَفُ » خبره ، والجملة في موضع نصب سادَّةٌ مسدَّ المفعولين لأنها معلقة للعلم{[58224]} قبلها .
وأن تكون موصولة ، و «أضعف » خبر مبتدأ مضمر ، أي : هو أضعف ، والجملة صلة وعائدٌ وحسن الحذف طول الصلة بالتمييز ، والموصول مفعول للعلم بمعنى العِرفَان .
قال القرطبي{[58225]} : «حتى » هنا مبتدأ ، أي «حتى أذا رأوا ما يوعدون » من عذاب الآخرة أو ما يوعدون من عذاب الدنيا ، وهو القتل يوم بدر { فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً } . و «مَنْ » يظهر أنها غاية لما تضمنته الجملة التي قبلها من الحكم ، بكينونة النار لهم ، كأنه قيل : إن العاصي أهم أم المؤمنون ؟ و «أقَلُّ عَداداً » معطوف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.