مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

قوله تعالى : { حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعملون من أضعف ناصرا وأقل عددا } فإن قيل : ما الشيء الذي جعل ما بعد حتى غاية له ؟ قلنا : فيه وجهان ( الأول ) : أنه متعلق بقوله : { يكونون عليه لبدا } والتقدير أنهم يتظاهرون عليه بالعداوة ويستضعفون أنصاره ويستقلون عدده ( حتى إذا رأوا ما يوعدون ) من يوم بدر وإظهار الله له عليهم أو من يوم القيامة ، فسيعلمون أيهم أضعف ناصرا وأقل عددا ، ( الثاني ) : أنه متعلق بمحذوف دلت عليه الحال من استضعاف الكفار له واستقلالهم لعدده كأنه قيل : هؤلاء لا يزالون على ما هم عليه حتى إذا كان كذا كان كذا ، واعلم أن نظير هذه الآية قوله في مريم : { حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة } واعلم أن الكافر لا ناصر له ولا شفيع يوم القيامة على ما قال : { ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } ويفر كل أحد منهم من صاحبه على ما قال : { يوم يفر المرء من أخيه } إلى آخره : { يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت } وأما المؤمنون فلهم العزة والكرامة والكثرة قال تعالى : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } والملك القدوس يسلم عليهم { سلام قولا من رب رحيم } فهناك يظهر أن القوة والعدد في جانب المؤمنين أو في جانب الكفار .