في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ يَقۡضِي بِٱلۡحَقِّۖ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَقۡضُونَ بِشَيۡءٍۗ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (20)

والله وحده هو الذي يقضي في هذا اليوم قضاءه الحق . وآلهتهم المدعاة لا شأن لها ولا حكم ولا قضاء :

( والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء ) . .

والله يقضي بالحق عن علم وعن خبرة ، وعن سمع وعن رؤية . فلا يظلم أحداً ولا ينسى شيئاً :

( إن الله هو السميع البصير ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ يَقۡضِي بِٱلۡحَقِّۖ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَقۡضُونَ بِشَيۡءٍۗ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (20)

20- { والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير } .

الله تعالى حاكم عادل بيده الخلق والأمر ، والقضاء بين العباد يوم القيامة ، ومجازاة العباد بدون ظلم أو حيف ، وهو قادر فقد خلق الكون وأوجد الوجود ، وأرسل الرسل ، وأوضح لنا الطريق ، أمّا الآلهة المدّعاة والأصنام والأوثان ، فإنها لا تملك شيئا ولا تحكم بشيء .

{ إن الله هو السميع البصير } .

فهو سميع لأقوال خلقه ودعائهم ، بصير بهم ، مطلع عليهم فيهدي من يشاء ، ويُضلُّ من يشاء وهو الحاكم العادل في جميع ذلك .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ يَقۡضِي بِٱلۡحَقِّۖ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَقۡضُونَ بِشَيۡءٍۗ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (20)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{والله يقضي بالحق} يعني يحكم بالعدل {والذين يدعون من دونه لا يقضون} يعني لا يحكمون {بشيء} يعني والذين يعبدون من دونه لا يقضون بشيء، يعني آلهة كفار مكة {إن الله هو السميع البصير}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَاللّهُ يَقْضِي بالحَقّ" يقول: والله تعالى ذكره يقضي في الذي خانته الأعين بنظرها، وأخفته الصدور عند نظر العيون بالحق، فيجزي الذين أغمضوا أبصارهم، وصرفوها عن محارمه حذارَ الموقف بين يديه، ومسألته عنه بالحُسنى، والذين ردّدوا النظر، وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش إذا قدَرت جزاءها... وقوله: "إنّ اللّهَ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ" يقول: إن الله هو السميع لما تنطق به ألسنتكم أيها الناس، البصير بما تفعلون من الأفعال، محيط بكل ذلك محصيه عليكم، ليجازي جميعكم جزاءه يوم الجزاء.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} قال أهل التأويل: أي الحكم بالحق، والقضاء ههنا المذكور في الكتاب يخرّج على وجوه:

أحدها: يقضي أي: يأمر، كقوله: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} [الإسراء: 36] إذا أمر أمرا.

الثاني: القضاء: الوحي والخبر، كقوله تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب} [الإسراء: 4] أي أوحينا إليهم، فكأنه يقول: والله يوحي بالحق، ويخبر به.

والثالث: القضاء، هو الخلق والإنشاء كقوله تعالى: {فقضاهُن سبع سماوات} [فصلت: 12] أي: خلقهم فيكون قوله على هذا {والله يقضي بالحق} يخلق {بالحق والذين يدعون من دونه} لا يخلقون شيئا، وقد يعلمون استحقاق العبادة إنما تجوز في الخلق والإنشاء، وهو كقوله تعالى: {أفمن يخلُق كمن لا يخلق} [النحل: 17] خلق من يدعون من دونه كخلق الله حتى تشابه ذلك عليهم، فعبدوهم؛ إذ يعلمون أن من خلق ليس كمن لم يخلق، وقد تعلمون أنها لم تخلق شيئا، فكيف عبدتموها؟...

{إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال:

{السميع} للمؤمنين أي المجيب، و {البصير} بأفعالهم، وجائز أن يكون قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} صلة ما تقدم من قوله {يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور} يقول: {السميع} لما يكون منهم ظاهرا من قول أو فعل، و {البصير} بما أخفوا في قلوبهم، وتكن صدورهم؛ يخبر بهذا ليكونوا أبدا مراقبين حافظين أنفسهم ما ظهر منها وما خفي.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

قوله تعالى: {والله يقضي بالحق} وهذا أيضا يوجب عظم الخوف، لأن الحاكم إذا كان عالما بجميع الأحوال، وثبت منه أنه لا يقضي إلا بالحق في كل ما دق وجل، كان خوف المذنب منه في الغاية القصوى.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان العفو عن الظالم الذي لا يرجع عن ظلمه نقصاً، لكونه لا حكمة فيه، عبر بالاسم الأعظم في جملة حالية فقال: {والله} أي والحال أن المتصف بجميع صفات الكمال {يقضي بالحق} أي الثابت الذي لا يصح أصلاً نفيه، فلو قضى فيمن يعلم أنه ليس بأهل للشفاعة فيه بقبول الشفاعة لنفى الحق وأثبت الباطل فخالف ذلك الكمال.

{والذين يدعون} أي الظالمون -على قراءة الجماعة، وأيها الظالمون- على قراءة نافع وابن عامر بخلاف عن ابن ذكوان بالخطاب للمواجهة بالإزراء.

ولما كانت المراتب دون عظمته سبحانه لا تنحصر ولا يحتوي عليها كلها شيء، أثبت الجار فقال: {من دونه} أي سواه، ومن المعلوم أنهم خلقه فهم دون رتبته؛ لأنهم في قهره {لا يقضون بشيء} من الأشياء أصلاً، فضلاً عن أن يقضوا بما يعارض حكمه، فلا مانع له من القضاء بالحق، فلا مقتضى لقبول الشفاعة فيمن يعلم عراقته في الظلم أنه لا ينفك عنه.

ولما أخبر أنه لا فعل لشركائهم، وأن الأمر له وحده، علل ذلك بقوله مرهباً من الخيانة وغيرها من الشر، مرغباً في كل خير، مؤكداً لأجل أن أفعالهم تقتضي إنكارً ذلك: {إن الله} عبر به لأن السياق لتحقير شركائهم وبيان أنها في غاية النقصان

{هو} أي وحده.

ولما ذكر ما هو غيب، وصفه بأظهر ظاهر فقال: {السميع} أي لكل ما يمكن أن يسمع.

{البصير} أي بالبصر والعلم لكل ما يمكن أن يبصر ويعلم، فلا إدراك لشركائهم أصلاً ولا لشيء غيره بالحقيقة، ومن لا إدراك له ولا قضاء له، فثبت أن الأمر له وحده، فما تنفعهم شفاعة الشافعين، ولا تقبل فيهم من أحد شفاعة بعد الشفاعة العامة التي هي خاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

كان مقتضى الظاهر أن يؤتَى بجملة {يقضي بالحق} معطوفة بالواو على جملة {يعلم خائنة الأعين} فيقال: ويقضى بالحق، ولكن عدل عن ذلك لما في الاسم العلم لله تعالى من الإِشعار بما يقتضيه المسمى به من صفات الكمال التي منها العدل في القضاء،،وليحصل من تقديم المسند إليه على المسند الفعلي تقوِّي المعنى.، ومنه قوله تعالى: {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون} [الأنفال: 36] أعيد الموصول ولم يؤت بضمير {الذين كفروا} ليُفيد تقديمُ الاسم على الفعل تقوّي الحكم.

والجملة من تمام الغرض الذي سيقت إليه جملة {يعلم خائنة الأعين} [غافر: 19] كما تقدم، وكلتاهما ناظرة إلى قوله: {ما للظالمين من حميم ولا شفيع} [غافر: 18] أي أن ذلك من القضاء بالحق.

وأما جملة {والذين تدعون من دونه لا يقضون بشيء} فناظرة إلى جملة {ما للظالمين من حميم ولا شفيع} فبعد أن نُفي عن أصنامهم الشفاعة، نُفيَ عنها القضاءُ بشيء مَّا بالحق أو بالباطل وذلك إظهار لعجزِها، ولا تحْسِبنَّ جملةَ {والذين تدعون من دونه لا يقضون بشيء} مسوقةً ضميمة إلى جملة: {والله يقضي بالحق} ليفيد مجموع الجملتين قصر القضاء بالحق على الله تعالى قَصْرَ قلب، أي دون الأصنام، لأن المنفي عن آلهتهم أعمّ من المثبت لله تعالى، وليس مثل ذلك مما يضاد صيغة القصر لكفى في إفادته تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي بحَمْله على إرادة الاختصاص في قوله: {والله يقضي بالحق}. فالمراد من قوله: {والذين تدعون من دونه لا يقضون بشيء} التذكير بعجز الذين يدعونهم وأنهم غير أهل للإِلهية، وهذه طريقة في إثبات صفة لموصوف ثم تعقيب ذلك بإظهار نقيضه فيما يُعدّ مساوياً له.

وجملة {إن الله هو السميع البصير} مقررة لجمل {يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور} إلى قوله: {لا يَقْضُون بشيء} فتوسيط ضمير الفصل مفيد للقصر وهو تعريض بأن آلهتهم لا تسمع ولا تبصر فكيف ينسبون إليها الإِلهية، وإثبات المبالغة في السمع والبصر لله تعالى يُقرر معنى

{يَقْضِي بالحق}.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ يَقۡضِي بِٱلۡحَقِّۖ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَقۡضُونَ بِشَيۡءٍۗ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (20)

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ يَقۡضِي بِٱلۡحَقِّۖ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَقۡضُونَ بِشَيۡءٍۗ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (20)

قوله تعالى : " والله يقضي بالحق " أي يجازي من غض بصره عن المحارم ، ومن نظر إليها ، ومن عزم على مواقعة الفواحش إذا قدر عليها . " والذين يدعون من دونه " يعني الأوثان " لا يقضون بشيء " لأنها لا تعلم شيئا ولا تقدر عليه ولا تملك . وقراءة العامة بالياء على الخبر عن الظالمين وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم . وقرأ نافع وشيبة وهشام : " تدعون " بالتاء . " إن الله هو السميع البصير " " هو " زائدة فاصلة . ويجوز أن تكون في موضع رفع بالابتداء وما بعدها خبر والجملة خبر إن .