الآية 20 وقوله تعالى : { وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ } قال أهل التأويل : أي الحكم بالحق . والقضاء ههنا{[18198]} المذكور في الكتاب يخرّج على وجوه :
أحدها : يقضي ، أي يأمر ، كقوله : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } [ الإسراء : 23 ] وكقوله : { إذا قضى الله ورسوله أمرا ] [ الأحزاب : 36 ] إذا أمر أمرا . يقول : { والله يقضي بالحق } أي يأمر بالحق .
والثاني : القضاء الوحي والخبر كقوله تعالى : { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب } [ الإسراء : 4 ] أي أوحينا إليهم .
فكأنه يقول : والله يوحي بالحق ، ويخبر به { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ } لا يملكون الوحي ولا الخبر . فكيف اخترتم عبادتهم على عبادة من يوحي بالحق ، ويخبر به ؟ والله أعلم .
والثالث : القضاء ، هو الخلق والإنشاء كقوله تعالى : { فقضاهُن سبع سماوات } [ فصلت : 12 ] أي خلقهم فيكون قوله على هذا { والله يقضي بالحق } يخلق { بالحق والذين يدعون من دونه } لا يخلقون شيئا ، وقد يعلمون استحقاق العبادة إنما تجوز في الخلق والإنشاء ، وهو كقوله تعالى : { أفمن يخلُق كمن لا يخلق } [ النحل : 17 ] وكقوله تعالى /476– أ/ { أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق } [ الرعد : 16 ] يقول : خلق من يدعون من دونه كخلق الله حتى تشابه ذلك عليهم ، فعبدوهم ؛ إذ يعلمون أن من خلق ليس كمن لم يخلق ، وقد تعلمون أنها لم تخلق شيئا ، فكيف عبدتموها ؟ والله أعلم .
ثم قوله أهل التأويل : { يقضي بالحق } [ يحتمل وجهين :
أحدهما : ]{[18199]} أي يحكم بالحق في الدنيا بالآيات والحجج ما عرف كل أحد أنها حجج وآيات وبراهين ، والحكم بما ذكرنا حكم بالحق ، والله أعلم .
والثاني : أي يحكم بالحق في الآخرة ، وهو الشفاعة ، أي لا يجعل الشفاعة لمن يعبدون على رجاء الشفاعة كقولهم : { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } [ يونس : 18 } ولكن إنما يجعل لمن ارتضى كقوله : { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } [ الأنبياء : 28 ] والله أعلم .
وقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : { السميع } للمؤمنين{[18200]} أي المجيب ، و{ البصير } بأفعالهم .
وجائز أن يكون قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } صلة ما تقدم من قوله { يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور } يقول : { السميع } لما يكون منهم ظاهرا من قول أو فعل ، و{ البصير } بما أخفوا في قلوبهم ، وتكن صدورهم ؛ يخبر بهذا ليكونوا أبدا مراقبين حافظين أنفسهم ما ظهر [ منها ]{[18201]} وما خفي ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.