الحور : واحدتهن حوراء ، من الحَوَر ، وهو شدة بياض العين ، في شدة سوادها .
العين : جمع عيناء ، أي : واسعة العين .
20- { مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ } .
في حالة استرخاء وخلو بال ، وتمتع بنعيم الجنة ، وبزوجات جميلات واسعات العيون ، كل واحدة منهن سوداء المقلة ، ممتعة لزوجها ، عاشقة له ، قاصرة الطرف عليه .
فالأسرّة التي يجلسون عليها قد اصطفت بجوار بعضها ، وهم يجلسون عليها جلسة المتكئ الذي لا كلفة عليه ، ولا تكلّف لديه ، فإن من يكون عنده من يتكلّف له لا يجلس ولا يتكئ ، ومن يكون في مهم لا يتفرغ للاتكاء ، فحال أهل الجنة حال اطمئنان ، ورفع كلفة وخلوّ بال ، ونحو الآية قوله تعالى : على سرر متقابلين . ( الصافات : 44 ) .
{ على سرر مصفوفة } : أي بعضها إلى جنب بعض .
{ وزوجناهم بحور عين } : أي قرناهم بنساء عظام الأعين حِسانها .
وقوله { متكئين } أي حال كونهم وهم في نعيمهم متكئين على سرر مصفوفة قد صُف بعضها الى جنب بعض . وقوله تعالى { وزوجناهم بحور عين } أي قرناه بزوجات من الحور العين والحور جمع حوراء وهي التي يغلب بياض عينها على سوادها والْعِين جمع عَينْاء وهى الواسعة العينين . جعلنا الله ممن يُزوجّون بهن إنه كريم .
{ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ } الاتكاء : هو الجلوس على وجه التمكن والراحة والاستقرار ، والسرر : هي الأرائك المزينة بأنواع الزينة من اللباس الفاخر والفرش الزاهية .
ووصف الله السرر بأنها مصفوفة ، ليدل ذلك على كثرتها ، وحسن تنظيمها ، واجتماع أهلها وسرورهم ، بحسن معاشرتهم ، ولطف كلام بعضهم لبعض{[876]} فلما اجتمع لهم من نعيم القلب والروح والبدن ما لا يخطر بالبال ، ولا يدور في الخيال ، من المآكل والمشارب [ اللذيذة ] ، والمجالس الحسنة الأنيقة ، لم يبق إلا التمتع بالنساء اللاتي لا يتم سرور بدونهن{[877]} فذكر الله أن لهم من الأزواج أكمل النساء أوصافا وخلقا وأخلاقا ، ولهذا قال : { وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ } وهن النساء اللواتي قد جمعن من جمال الصورة الظاهرة وبهاءها ، ومن الأخلاق الفاضلة ، ما يوجب أن يحيرن بحسنهن الناظرين ، ويسلبن عقول العالمين ، وتكاد الأفئدة أن تطيش{[878]} شوقا إليهن ، ورغبة في وصالهن ، والعين : حسان الأعين مليحاتها ، التي صفا بياضها وسوادها .
قوله تعالى : " متكئين على سرر " سرر جمع سرير وفي الكلام حذف تقديره : متكئين على نمارق سرر . " مصفوفة " قال ابن الأعرابي : أي موصولة بعضها إلى بعض حتى تصير صفا . وفي الأخبار أنها تصف في السماء بطول كذا وكذا ، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت له ، فإذا جلس عليها عادت إلى حالها . قال ابن عباس : هي سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت ، والسرير ما بين مكة وأيلة . " وزوجناهم بحور عين " أي قرناهم بهن . قال يونس بن حبيب : تقول العرب زوجته امرأة وتزوجت امرأة ، وليس من كلام العرب تزوجت بامرأة . قال : وقول الله عز وجل : " وزوجناهم بحور عين " أي قرناهم بهن ، من قول الله تعالى : " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم{[14296]} " [ الصافات : 22 ] أي وقرناءهم . وقال الفراء : تزوجت بامرأة لغة في أزد شنوءة . وقد مضى القول في معنى الحور العين{[14297]} .
{ بحور عين } الحور : جمع حوراء وهي الشديدة البياض ، بياض العين وسواد سوادها ، والعين جمع عيناء وهي الكبيرة العينين مع جمالها ، وإنما دخلت الباء في قوله : { بحور } لأنه تضمن قوله { زوجناهم } معنى قرناهم ، قاله الزمخشري وقال : { إن الذين آمنوا } معطوف على { بحور عين } أي : قرناهم بحور للتلذذ بهن ، وبالذين آمنوا للأنس معهم والأظهر أن الكلام تم في قوله { بحور عين } ويكون والذين آمنوا مبتدأ وخبره ألحقنا .
ولما كان النعيم لا يتم إلا بأن يكون الإنسان مخدوماً ، نبه عليه بقوله : { متكئين } أي مستندين استناد راحة ، لأنهم يخدمون فلا حاجة لهم إلى الحركة { على سرر مصفوفة } أي منصوبة واحداً إلى جنب واحد ، مستوية كأنها السطور على أحسن نظام وأبدعه ، قال الأصبهاني : والصفة : مد الشيء على الولاء . ولما كان السرور لا يتم إلا بالتنعم بالنساء قال : { وزوجناهم } أي تزويجاً يليق بما لنا من العظمة .
ولما كانت تلك الدار غنية عن الأسباب ، فكانوا غنيين عن العقد ، قال مشيراً بالباء إلى صرف الفعل عن ظاهره فإنه إذا كان بمعنى النكاح تعدى بنفسه ، وتضمين الفعل " قرناهم " أي جعلناهم أزواجاً مقرونين { بحور } أي نساء هن في شدة بياض العين وشدة سوادها واستدارة حدقتها ورقة جفونها في غاية لا توصف { عين * } أي واسعات الأعين في رونق وحسن .