وهو الإله الواحد الذي يملك الموت والحياة ؛ وهو رب الأولين والآخرين :
( لا إله إلا هو يحيي ويميت ، ربكم ورب آبائكم الأولين ) . .
والإحياء والإماتة أمران مشهودان للجميع ، وأمرهما خارج عن طاقة كل مخلوق . يبدو هذا بأيسر نظر وأقرب تأمل . . ومشهد الموت كمشهد الحياة في كل صورة وفي كل شكل يلمس القلب البشري ويهزه ؛ ويستجيشه ويعده للتأثر والانفعال ويهيئه للتقبل والاستجابة . ومن ثم يكثر ذكره في القرآن وتوجيه المشاعر إليه ولمس القلوب به بين الحين والحين .
8- { لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين } .
هو الإله الواحد الأحد ، لا رب غيره ، ولا معبود سواه ، لأنه المتصف بصفات الجلال والكمال ، يحيي الأموات ، ويميت الأحياء ، هو خالقكم وخالق الخلق أجمعين من الأمم الماضية ، نعم هو واهب الحياة ، وهو الذي يحيي ويميت ، وهو الرب سبحانه المتصف بكل كمال ، المنزه عن كل نقص ، ليس معه إله آخر ، هو الباقي بعد فناء الجميع ، والملك له وحده يوم القيامة ، سبحانه له الحمد في الأولى والآخرة ، وله الحكم وإليه ترجعون ، ومن يتصف بهذا الجلال والكمال ، إذا أنزل كتابا كان مشتملا على غاية السمو والرفعة .
ولما ثبت بهذا النظر الصافي ربوبيته ، وبعدم{[57299]} اختلال التدبير على طول الزمان وحدانيته ، وبعدم الجري على نظام واحد من كل وجه فعله بالاختيار وقدرته ، صرح بذلك منبهاً لهم على أن النظر الصحيح أنتج ذلك ولا بد فقال تعالى : { لا إله إلا هو } [ أي-{[57300]} ] وإلا لنازعه في أمرهما أو بعضه منازع ، أو أمكن أن ينازع فيكون محتاجاً لا محالة ، وإلا لدفع عنه{[57301]} من يمكن نزاعه له وخلافه إياه ، فلا يكون صالحاً للتدبير والقهر لكل من يخالف رسله والإيحاء{[57302]} لكل من يوافقهم على مر الزمان وتطاول الدهر ومد{[57303]} الحدثان على نظام مستمر ، وحال ثابت مستقر{[57304]} .
ولما ثبت أنه لا مدبر للوجود غيره ، ثبت قوله تعالى : { يحيى ويميت } لأن ذلك من أجل ما فيهما من التدبير ، وهو تنبيه على تمام دليل الوحدانية لأنه لا شيء ممن فيهما يبقى ليسند التدبير{[57305]} إليه ، ويحال شيء من الأمور عليه ، فهما جملتان : الأولى نافية لما أثبتوه من الشركة ، والثانية مثبتة لما نفوه من البعث .
ولما ثبت أنه المختص بالإفاضة{[57306]} والسلب ، وكان السلب أدل على القهر ، ذكرهم ما لهم من{[57307]} ذلك في أنفسهم فقال سبحانه : { ربكم } أي الذي {[57308]}أفاض عليكم{[57309]} ما تشاهدون من النعم في الأرواح وغيرها { ورب آبائكم } ولما كانوا يشاهدون{[57310]} من ربوبيته لأقرب{[57311]} آبائهم ما يشاهدون لأنفسهم ، رقي{[57312]} نظرهم إلى النهاية فقال : { الأولين * } أي الذين{[57313]} أفاض عليهم ما أفاض عليكم ثم سلبهم ذلك كما تعلمون ، فلم يقدر أحد منهم على ممانعة ولا طمع في منازعة بنوع مدافعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.