في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (4)

وقام هذا القرآن يؤدي وظيفته :

( بشيراً ونذيراً ) . .

يبشر المؤمنين العاملين ، وينذر المكذبين المسيئين ، ويبين أسباب البشرى وأسباب الإنذار ، بأسلوبه العربي المبين . لقوم لغتهم العربية . ولكن أكثرهم مع هذا لم يقبل ويستجب :

( فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون )

وقد كانوا يعرضون فلا يسمعون فعلاً ، ويتحامون أن يعرضوا قلوبهم لتأثير هذا القرآن القاهر . وكانوا يحضون الجماهير على عدم السماع كما سيجيء قولهم : ( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) . .

وأحياناً كانوا يسمعون ، وكأنهم لا يسمعون ، لأنهم يقاومون أثر هذا القرآن في نفوسهم ؛ فكأنهم صم لا يسمعون !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (4)

المفردات :

فهم لا يسمعون : سماع تأمل وطاعة وقبول ، أي : لا يقبلون ولا يطيعون .

التفسير :

4- { بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون } .

هذا القرآن نزل مشتملا على ألوان البيان ، فهو يبشر المؤمنين بالهدى والرضوان في الدنيا ، وبالجنة ونعيمها في الآخرة ، وهو ينذر الكافرين ببطش الله وعقوبته في الدنيا ، وبعذاب جهنم في الآخرة ، لكن الكفار لم يستجيبوا لدعوة القرآن لهم إلى الإيمان ، وأعرض أكثر الكافرين عن القرآن ، وانصرفوا عن هدايته والإصغاء إليه .

{ فهم لا يسمعون } .

سماع تدبر وإمعان ، وإن سمعت آذانهم القرآن إلا أنهم أعرضوا عنه بقلوبهم ، فكأنهم لم يسمعوه ، تقول : ذهبت إلى فلان لأعرض عليه الموضوع فلم يسمعني ، أي لم يستجب لما رجوته منه .

قال تعالى : { ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم } . ( محمد : 16 ) .

وقال سبحانه : { ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون } . ( الأنفال : 21 ) .

وقال عز شأنه : { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا * وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا } . ( الإسراء : 45 ، 46 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (4)

لا يسمعون : لا يطيعون .

ولقد أُنزل هذا الكتاب العظيم بشيراً لمن أطاع ونذيرا لمن عصى .

{ فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } فلم يطيعوه ولم يقبلوه كأنهم لا يسمعون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (4)

{ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } أي : بشيرًا بالثواب العاجل والآجل ، ونذيرًا بالعقاب العاجل والآجل ، وذكر تفصيلهما ، وذكر الأسباب والأوصاف التي تحصل بها البشارة والنذارة ، وهذه الأوصاف للكتاب ، مما يوجب أن يُتَلقَّى بالقبول ، والإذعان ، والإيمان ، والعمل به ، ولكن أعرض أكثر الخلق عنه إعراض المستكبرين ، { فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ } له سماع قبول وإجابة ، وإن كانوا قد سمعوه سماعًا ، تقوم عليهم به الحجة الشرعية .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (4)

ولما كان حال الإنسان إن مال إلى جانب الخوف الهلع أو إلى جانب الرجاء البطر ، فكان لا يصلحه إلا الاعتدال ، بالتوسط الموصل إلى الكمال ، بما يكون لطبعه بمنزلة حفظ الصحة ودفع المرض لبدنه ، قال واصفاً ل " قرآناً " { بشيراً } أي لمن اتبع { ونذيراً } أي لمن امتنع فانقطع . روى أبو نعيم في الحلية في ترجمة إمامنا الشافعي رضي الله عنه وأرضاه أنه روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجه أنه قال في خطبة له : وأعجب ما في الإنسان قلبه ، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها إن سنح له الرجاء ادلهمه الطمع ، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، وإن ملكه اليأس قتله الأسف ، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ ، وإن سعد بالرضى نسي التحفظ ، وإن ناله الخوف شغله الحزن ، وإن أصابته مصيبة قصمه الجزع ، وإن أفاد مالاً أطغاه الغنى ، وإن عضته فاقة شغله البلاء ، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف ، فكل تقصير به مضر وكل إفراط به مفسد .

ولما كانت عادتهم دوام الاحتياط في كل بشارة ونذارة بأمر دنيوي ، سبب عن هذا مخالفتهم لعادتهم في ترك الحزم بالجزم بالإعراض فقال : { فأعرض أكثرهم } أي عن تجويز شيء من بشائره أو نذائره { فهم } لذلك { لا يسمعون * } أي يفعلون فعل من لا يسمع فهم لا يقبلون شيئاً مما دعا إليه وحث عليه .