في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (9)

لهؤلاء المؤمنين الذين أوقفهم الله في صفه مع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وجعل عزتهم من عزته يوجه النداء الأخير في السورة ، ليرتفعوا إلى هذا المكان الكريم ، ويبرأوا من كل صفة تشبه صفات المنافقين ، ويختاروا ذلك المقام الأسنى على الأموال والأولاد ، فلا يدعوها تلهيهم عن بلوغ ذلك المقام الوضيء :

يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله . ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون . وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت ، فيقول : رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين . ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها ، والله خبير بما تعملون . .

والأموال والأولاد ملهاة ومشغلة إذا لم يستيقظ القلب ، ويدرك غاية وجوده ، ويشعر أن له هدفا أعلى يليق بالمخلوق الذي نفخ الله فيه من روحه ، فأودع روحه الشوق إلى تحقيق بعض صفاته الإلهية في حدود طاقته البشرية . وقد منحه الأموال والأولاد ليقوم بالخلافة في الأرض لا لتلهيه عن ذكر الله والاتصال بالمصدر الذي تلقى منه ما هو به إنسان . ومن يغفل عن الاتصال بذلك المصدر ، ويلهه عن ذكر الله ليتم له هذا الاتصال ( فأولئك هم الخاسرون ) . . وأول ما يخسرونه هو هذه السمة . سمة الإنسان . فهي موقوفة على الاتصال بالمصدر الذي صار به الإنسان إنسانا . ومن يخسر نفسه فقد خسر كل شيء . مهما يملك من مال ومن أولاد .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (9)

الإنابة إلى الله

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ( 9 ) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ( 10 ) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( 11 ) }

9

المفردات :

لا تُلهكم : لا يشغلكم الاهتمام بها ، والانصراف إليها .

عن ذكر الله : عن عبادته وطاعته ومراقبته .

التفسير :

9- { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } .

المال نعمة ، والولد نعمة ، والإسلام يرغب في إنسان متوازن ، يستفيد بالمال في وجوه الحياة ، وما بعد الممات ، ويستفيد بالولد ، وينعم به في توازن واعتدال ، وقد أُمرنا بالتوسط في حياتنا ، والتوازن والعمل للدنيا والآخرة .

قال تعالى : { وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } . ( القصص : 77 ) .

ومعنى الآية التاسعة من سورة المنافقون ما يأتي :

يا أيها الذين آمنوا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ، لا تشغلكم الأموال أو الأولاد أو غيرهما من عرض الدنيا عن الله وطاعته ، وامتثال أمره بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، وفعل المأمورات وترك المنهيات .

ومن تشغله نعم الله عن طاعة الله ، والمبادرة إلى طاعته فقد خسر آخرته ، وباع جنة عرضها السماوات والأرض بعرض قليل .

قال تعالى : { قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا } . ( النساء : 77 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (9)

وبعد أن بين حالَ المنافقين وفضحهم وكشف دسائسهم ومؤامراتهم اتجه إلى المؤمنين يؤدبهم بأدب القرآن ، ويذكّرهم بأن الأموال والأولاد والدنيا بأسرها

لا قيمة لها من غير إيمان خالص ، وإنفاق في سبيل الله ، وأن كل إنسان له أجل لا بد منتهٍ إليه ، والله خبير بما يعملون .

فعلى المؤمنين أن لا يكونوا مثل المنافقين ، فلا تلهيهم أموالهم ولا أولادهم عن ذكر الله آناء الليل وإطراف النهار ، وعليهم أن يؤدوا ما فُرض عليهم من العبادات .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (9)

{ 9-11 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

يأمر تعالى عباده المؤمنين بالإكثار من ذكره ، فإن في ذلك الربح والفلاح ، والخيرات الكثيرة ، وينهاهم أن تشغلهم أموالهم وأولادهم عن ذكره ، فإن محبة المال والأولاد مجبولة عليها أكثر النفوس ، فتقدمها على محبة الله ، وفي ذلك الخسارة العظيمة ، ولهذا قال تعالى : { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ } أي : يلهه ماله وولده ، عن ذكر الله { فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } للسعادة الأبدية ، والنعيم المقيم ، لأنهم آثروا ما يفنى على ما يبقى ، قال تعالى : { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (9)

حذر المؤمنين أخلاق المنافقين ، أي لا تشتغلوا بأموالكم كما فعل المنافقون إذ قالوا - للشح بأموالهم - : لا تنفقوا على من عند رسول الله . " عن ذكر الله " أي عن الحج والزكاة . وقيل : عن قراءة القرآن . وقيل : عن إدامة الذكر . وقيل : عن الصلوات الخمس ، قاله الضحاك . وقال الحسن : جمع الفرائض ، كأنه قال عن طاعة الله . وقيل : هو خطاب للمنافقين ، أي آمنتم بالقول فآمنوا بالقلب . " ومن يفعل ذلك " أي من يشتغل بالمال والولد عن طاعة ربه " فأولئك هم الخاسرون " .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (9)

قوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون 9 وأنفقوا من مّا رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين 10 ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون } .

يحذر الله عباده المؤمنين أن تشغلهم الأموال والأولاد والمنافع الدنيوية عن عبادة ربهم وطاعته . فهذه الأسباب ملهاة كبيرة تنشغل بها القلوب والعقول عن الطاعات وعن كل وجوه التقرب إلى الله من صلاة وزكاة وجهاد وحج وأمر بمعروف ونهي عن منكر .

وهو قوله : { لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون } يعني من يلهه ماله وولده ومنفعته عن عبادة الله وعن أمور دينه وواجباته فقد خسر نفسه بحرمانها الخير والنجاة في الآخرة وتصليتها العذاب الأليم .