في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ} (12)

ولما كان جو السورة جو كرم وكرامة ، فإنه يذكر من صفة الحافظين كونهم . . ( كراما ) . . ليستجيش في القلوب إحساس الخجل والتجمل بحضرة هؤلاء الكرام . فإن الإنسان ليحتشم ويستحيي وهو بمحضر الكرام من الناس أن يسف أو يتبذل في لفظ أو حركة أو تصرف . . فكيف به حين يشعر ويتصور أنه في كل لحظاته وفي كل حالاته في حضرة حفظة من الملائكة( كرام )لا يليق أن يطلعوا منه إلا على كل كريم من الخصال والفعال ? !

إن القرآن ليستجيش في القلب البشري أرفع المشاعر بإقرار هذه الحقيقة فيه بهذا التصور الواقعي الحي القريب إلى الإدراك المألوف . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ} (12)

التفسير :

12- يعلمون ما تفعلون .

يعلمون أعمالكم ، ويسجّلونها عليكم ، للجزاء العادل يوم القيامة ، فاستحيوا من الله حق الحياء ، واحفظوا أنفسكم عن معصية الله .

ولله در القائل :

لم لا أنوح وأندب *** وجميع جسمي مذنب

نفسي لقبح فعالها *** بين الورى تتأدب

ملك اليمين أحته *** لم يلق شيئا يكتب

ملك الشمال بعكسه *** ليلا نهارا يتعب

وقد ورد في الأثر : أن كل له عشرة من الملائكة ، منهم الحفظة .

قال تعالى : له معقّبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله . . . ( الرعد : 11 ) .

ومن الملائكة : الكتبة الذين يسجّلون على العبد أعماله ، بدون زيادة أو نقصان ، وقد سمّاهم الله : كراما كاتبين . فهم عدول أمناء ، يفرحون بالعبد الطائع ، ويتألمون لمعصية العاصي ، لكنهم أمناء في كتابتهم وشهادتهم .

قال تعالى : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنّا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون . ( الجاثية : 29 ) .

وفي صحيح البخاري يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة العصر وفي صلاة الفجر ، اقرأوا إن شئتم قول الله تعالى : وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا . ( الإسراء : 78 ) . فيصعد الذين باتوا فيكم ، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : يا ربّنا تركناهم وهم يصلّون ، وأتيناهم وهم يصلّون ، فاغفر لهم يوم الدّين )viii .

والإيمان بالملائكة عقيدة من عقائد المسلم ، وهم عباد مكرمون ، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وهم قوى روحية ، منهم من ينزل بالوحي كجبريل عليه السلام ، ومنهم حملة العرش ، وهم الكروبيون الذين يدعون الله أن يرفع الكرب عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومنهم المكلّف بالرياح والأمطار والخصب والنماء ، ومنهم المكلّف بالخسف والزلازل ، ومنهم من ينفخ في الصور وهو إسرافيل عليه السلام .

وللملائكة قوة فوق قوة البشر ، وقدرة على تنفيذ ما وكّلوا به من الأعمال ، فمنهم المبشّرون بالجنة الذين يحملون السلام والبشرى للمؤمن عند خروج روحه ، وعند دخوله الجنة .

ومنهم ملائكة العذاب الذين يتكفّلون بالعصاة ، وبحراسة جهنم ، وقد أفاد القرآن أن خزنة جهنم تسعة عشر ملكا ، فادّعى مكة أنهم قادرون على الإحاطة بهم ، فأفاد القرآن أن قدرتهم فوق طاقة البشر ، وربما كانوا تسعة عشر رئيسا أو فريقا أو صنفا ، وقد جعل الله عددهم اختبارا لإيمان المؤمن ، وإعلاما لأهل الكتاب بصدق القرآن وصدق محمد صلى الله عليه وسلم .

قال تعالى : سأصليه سقر* وما أدراك ما سقر* لا تبقي ولا تذر* لوّاحة للبشر* عليها تسعة عشر* وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدّتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا . . . ( المدثر : 26-31 ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ} (12)

وأنتم لا بد أن تحاسبوا على ما عملتم ، وقد أقام الله عليكم ملائكة كراما يكتبون أقوالكم وأفعالكم ويعلمون أفعالكم ، ودخل في هذا أفعال القلوب ، وأفعال الجوارح ، فاللائق بكم أن تكرموهم وتجلوهم وتحترموهم .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ} (12)

{ يعلمون ما تفعلون } لا يخفى عليهم شيء من أعمالكم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ} (12)

الثالثة : سئل سفيان : كيف تعلم الملائكة أن العبد قد هم بحسنة أو سيئة ؟ قال : إذا هم العبد بحسنة وجدوا منه ريح المسك ، وإذا هم بسيئة وجدوا منه ريح النتن . وقد مضى في " ق " {[15841]} قوله : " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " [ ق : 18 ] زيادة بيان لمعنى هذه الآية . وقد كره العلماء الكلام عن الغائط والجماع ، لمفارقة الملك العبد عند ذلك . وقد مضى في آخر " آل عمران " {[15842]} القول في هذا . وعن الحسن : يعلمون لا يخفى عليهم شيء من أعمالكم . وقيل : يعلمون ما ظهر منكم دون ما حدثتم به أنفسكم . والله أعلم .


[15841]:راجع جـ 17 ص 11.
[15842]:راجع 4 ص 310 فما بعدها.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ} (12)

{ يعلمون ما تفعلون } يعلمون الأعمال لمشاهدتهم لها ، وأما ما لا يرى ولا يسمع من الخواطر والنيات والذكر بالقلب فقيل : إن الله ينفرد بعلم ذلك وقيل : إن الملك يجد لها ريحا يدركها به .