تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ} (12)

الآية 12 : وقوله تعالى : { يعلمون ما تفعلون } فهو يحتمل وجهين :

أحدهما : أنهم { يعلمون ما تفعلون } قبل أن تفعل بما عرّفهم الله تعالى ، فيكون في تعريفه إياهم إلزام الحجة عليهم ، ويكون الذي يكتبون امتحانا امتحنوا به ، إذ قد فوض إلى بعضهم أمر كتابة الأعمال وإلى بعض إرسال الأمطار{[23247]} ونحو ذلك .

[ الثاني : أنهم ]{[23248]} { يعلمون ما تفعلون } وقت فعلكم جهة الفعل من خير أو شر ، فيكون لفعل الخير آثار بها يعرفون أن الفاعل به قصد به جهة الخير ، ويكون لفعل الشر آثار بها يعرفون ذلك أيضا .

ثم عذر المسلمين في ترك المراقبة أقل من عذر المكذبين بالدين لأن المسلمين علموا أن عليهم حفاظا ، يحفظون عليهم أعمالهم ، ويكتبونها عليهم ، ثم هم مع ذلك يفعلون ، ولا يصحبونهم صحبة الكرام ، ويتركون التيقظ والتبصر ، والكفرة ينكرون أن يكون عليهم حفاظ ، ومن كان هذا حاله فالإغفال عن مثله غير مستبعد .


[23247]:في الأصل وم: الأمصار.
[23248]:في الأصل وم: أو.