في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا رَجُلُۢ بِهِۦ جِنَّةٞ فَتَرَبَّصُواْ بِهِۦ حَتَّىٰ حِينٖ} (25)

23

ويا ليتهم يدركون أنهم جامدون متحجرون ، إنما هم يتهمون دعاة التحرر والانطلاق بالجنون . وهم يدعونهم إلى التدبر والتفكر ، والتخلية بين قلوبهم ودلائل الإيمان الناطقة في الوجود . فإذا هم يتلقون هذه الدعوة بالتبجح والاتهام :

( إن هو إلا رجل به جنة ، فتربصوا به حتى حين ) . .

أي إلى أن يأخذه الموت ، ويريحكم منه ، ومن دعوته ، ومن إلحاحه عليكم بالقول الجديد !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا رَجُلُۢ بِهِۦ جِنَّةٞ فَتَرَبَّصُواْ بِهِۦ حَتَّىٰ حِينٖ} (25)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ بِهِ جِنّةٌ فَتَرَبّصُواْ بِهِ حَتّىَ حِينٍ * قَالَ رَبّ انصُرْنِي بِمَا كَذّبُونِ * فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التّنّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الّذِينَ ظَلَمُوَاْ إِنّهُمْ مّغْرَقُونَ } .

يعني ذكره مخبرا عن قيل الملأ الذين كفروا من قوم نوح إنْ هُوَ إلاّ رَجُلٌ بِهِ جِنّةٌ : ما نوح إلا رجل به جنون . وقد يقال أيضا للجنّ جنة ، فيتفق الاسم والمصدر ، و«هو » من قوله : إن هو كناية اسم نوح . وقوله : فَتَرَبّصُوا بِهِ حتى حِينٍ يقول : فتلبثوا به ، وتنظروا به حتى حين يقول : إلى وقت ما . ولم يَعْنُوا بذلك وقتا معلوما ، إنما هو كقول القائل : دعه إلى يوم مّا ، أو إلى وقت مّا .