في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

وإذا قيل لهم : اتبعوا ما أنزل الله قالوا : بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا . .

فهذا هو سندهم الوحيد ، وهذا هو دليلهم العجيب ! التقليد الجامد المتحجر الذي لا يقوم على علم ولا يعتمد على تفكير . التقليد الذي يريد الإسلام أن يحررهم منه ؛ وأن يطلق عقولهم لتتدبر ؛ ويشيع فيها اليقظة والحركة والنور ، فيأبوا هم الانطلاق من إسار الماضي المنحرف ، ويتمسكوا بالأغلال والقيود .

إن الإسلام حرية في الضمير ، وحركة في الشعور ، وتطلع إلى النور ، ومنهج جديد للحياة طليق من إسار التقليد والجمود . ومع ذلك كان يآباه ذلك الفريق من الناس ، ويدفعون عن أرواحهم هداه ، ويجادلون في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير . . ومن ثم يسخر منهم ويتهكم عليهم ، ويشير من طرف خفي إلى عاقبة هذا الموقف المريب :

أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ? . .

فهذا الموقف إنما هو دعوة من الشيطان لهم ، لينتهي بهم إلى عذاب السعير . فهل هم مصرون عليه ولو قادهم إلى ذلك المصير ? . . لمسة موقظة ومؤثر مخيف ، بعد ذلك الدليل الكوني العظيم اللطيف .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

{ أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير } أي موجباته فيتبعونه

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

قوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا } إذا قيل لهؤلاء المخاصمين المعاندين : اتبعوا الحق الذي أنزله الله على رسوله وهو كتابه الحكيم والنور الكاشف المبين ؛ ليكون بشيرا ونذيرا للعالمين ، وهاديا للبشرية إلى سواء السبيل ، قالوا في جهالة وعمه وتقليد فاسد مستهجَن { بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا } أبوا إلا التقليد الأعمى باتباع الآباء في عبادتهم السخيفة ؛ إذ كانوا يعبدون أصناما جوفاء صمّا لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل .

قوله : { أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } يعني أيتبعون آباءهم في عبادتهم ولو كان الشيطان يدعو آباءهم إلى الضلال والشرك وما يفضي بهم إلى النار المستعرة الحامية . والاستفهام للتوبيخ والتبكيت . فما ينبغي لذي عقل أن يقلد السابقين الغابرين ؛ لكونهم آباء وأجدادا إن كانوا أولي ضلال وكفر . وإنما يقلد النبيه الحريص أهلَ الهدى والتقى من المؤمنين الذين استقاموا على منهج الله ، منهج الإسلام{[3657]} .


[3657]:الكشاف ج 3 ص 235، وفتح القدير ج 3 ص 241.