في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ} (44)

وفي النهاية يجيء ذلك التهديد الرعيب ، لمن يفتري على الله في شأن العقيدة وهي الجد الذي لا هوادة فيه . يجيء لتقرير الإحتمال الواحد الذي لا احتمال غيره ، وهو صدق الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وأمانته فيما أبلغه إليهم أو يبلغه . بشهادة أن الله لم يأخذه أخذا شديدا . كما هو الشأن لو انحرف أقل انحراف عن أمانة التبليغ :

( ولو تقول علينا بعض الأقاويل . لأخذنا منه باليمين . ثم لقطعنا منه الوتين . فما منكم من أحد عنه حاجزين ) . .

ومفاد هذا القول من الناحية التقريرية أن محمدا [ صلى الله عليه وسلم ] صادق فيما أبلغهم . وأنه لو تقول بعض الأقاويل التي لم يوح بها إليه ، لأخذه الله فقتله على هذا النحو الذي وصفته الآيات . ولما كان هذا لم يقع فهو لا بد صادق .

هذه هي القضية من الناحية التقريرية . . ولكن المشهد المتحرك الذي ورد فيه هذا التقرير شيء آخر ، يلقي ظلالا بعيدة وراء المعنى التقريري . ظلالا فيها رهبة وفيها هول . كما أن فيها حركة وفيها حياة . ووراءها إيحاءات وإيماءات وإيقاعات !

فيها حركة الأخذ باليمين وقطع الوتين . وهي حركة عنيفة هائلة مروعة حية في الوقت ذاته . ووراءها الإيحاء بقدرة الله العظيمة وعجز المخلوق البشري أمامها وضعفه . . البشر أجمعين . . كما أن وراءها الإيماء إلى جدية هذا الأمر التي لا تحتمل تسامحا ولا مجاملة لأحد كائنا من كان . ولو كان هو محمد الكريم عند الله الأثير الحبيب . ووراءها بعد هذا كله إيقاع الرهبة والهول والخشوع !

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ} (44)

{ ولو تقول علينا بعض الأقاويل } يعني النبي صلى الله عليه وسلم لو قال ما لم يؤمر به وأتى بشيء من قبل نفسه { لأخذنا منه باليمين } { من } صلة والمعنى لأخذناه بالقوة والقدرة

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ} (44)

قوله تعالى : " ولو تقول علينا بعض الأقاويل " " تقول " أي تكلف وأتى بقول من قبل نفسه . وقرئ " ولو تقول " على البناء للمفعول .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ} (44)

{ ولو تقول علينا بعض الأقاويل } التقول هو أن ينسب إلى أحد ما لم يقل ، ومعنى الآية : لو تقول علينا محمد لعاقبناه ، ففي ذلك برهان على أن القرآن من عند الله .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ} (44)

ولما كان قد بقي من الأقسام التي كانوا يتقولونها عليه الافتراء في الرسالة بمعنى أنه عثر على بعض كتب الله تعالى التي نزلت على من قبله {[68189]}من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام{[68190]} فانتحلها من غير أن يوحى إليه ، وكان الدليل على أن ذلك ليس كذلك أن العادة تحيل أن يطلع شخص من الناس على شيء لم يطلع أحد منهم و{[68191]}لا سيما إن كان ذلك الشخص {[68192]}قليل المخالطة{[68193]} للعلماء فكيف إذا كان أمياً لا يكتب ولا يقرأ كما كان صلى الله عليه وسلم ، قال عاطفاً على ما تقديره : فلو لم يكن تنزيل رب العالمين عليه لم يعجزوا عنه : { ولو تقوّل } أي كلف نفسه أن يقول مرة من الدهر كذباً { علينا } على ما لنا من{[68194]} صفات العظمة والجلال والبهاء والكمال والكبرياء{[68195]} { بعض الأقاويل * } {[68196]}التي لم نقلها أو قلناها ولم نأذن له فيها ، وهو جمع أفعولة من القول كالأضاحيك جمع أضحوكة ، لا جمع أقوال ، ليكون جمع الجمع ، لأنه يلزم عليه أن لا يعاقب بما دون ثلاثة أقوال{[68197]}


[68189]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68190]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68191]:-زيد من ظ وم.
[68192]:- من ظ وم، وفي الأصل: غير مخالط.
[68193]:- من ظ وم، وفي الأصل: غير مخالط.
[68194]:- في ظ وم: العظمة.
[68195]:- في ظ وم: العظمة.
[68196]:- زيد في م: أي.
[68197]:- زيد من ظ وم.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ} (44)

قوله تعالى : { ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل 44 لأخذنا منه باليمين 45 ثم لقطعنا منه الوتين 46 فما منكم من أحد عنه حاجزين 47 وإنه لتذكرة للمتقين 48 وإنا لنعلم أن منكم مكذبين 49 وإنه لحسرة على الكافرين 50 وإنه لحق اليقين 51 فسبح باسم ربك العظيم } .

ذلك تهديد مرعب يخوّف الله به نبيه صلى الله عليه وسلم تحذيرا من التقوّل عليه . وهذه ظاهرة من ظواهر الإعجاز في الكتاب الحكيم . فأنّى لإنسان ذي تفكير وبصر يهدد نفسه ويتوعدها بمثل هذا التهديد المثير ، والوعيد المخوف . وهو قوله : { ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل } والتقوّل ، معناه ابتداع الكذب{[4623]} يعني لو ابتدع محمد صلى الله عليه وسلم بعض الأقاويل من عنده أو لو ادعى علينا شيئا لم نقله .


[4623]:القاموس المحيط جـ 4 ص 43.