تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ} (44)

الآية 44 وقوله تعالى : { ولو تقول علينا بعض الأقاويل } فهذا على ما تقدم من قوله : { إنه لقول رسول كريم } { وما هو بقول شاعر } [ الآيتان 40 و 41 ] وعليه وقوع القسم ، وهو موضعه ، فكأنه يقول : إن الذي تلقاه من عنده رسول كريم ، وما هو بقول ، تلقاه من كاهن أو شاعر {[21975]} ، ولا بقول تقوّله علينا { ولو تقول علينا بعض الأقاويل } { لأخذنا منه باليمين } { ثم لقطعنا منه الوتين } الآيتان : 45 و46 ] .

ويحتمل وجها آخر ، وهو أن الذي يسمعون منه رسول كريم ، وليس بشاعر ولا كاهن ولا متقول ، لأنهم كانوا مرة ينسبونه إلى الكهانة ومرة إلى السحر ومرة أنه تقوّله على الله { ولو تقول علينا بعض الأقاويل } { لأخذنا منه باليمين } يبين أن عذاب الله بأخص عباده أسرع وقوعا ، إذ هم خالفوه ، وزلوا ، منه بأعدائه .

ألا ترى إلى قوله عز وجل : { لأخذنا منه باليمين } فتتبين أنه لو وجد منه شيء مما قالوا لأخذه{[21976]} على المكان ؟

ألا ترى إلى آدم عليه السلام وما حل به عندما ابتلي بالزلة والخلاف ؟ وكذلك يونس عليه السلام وما عوقب به على إثر الزلة ؟ وهذا لأن عذاب الأولياء يخرج مخرج التنبيه والتذكير والاستدعاء إلى ما كانوا عليه من الطاعة والانقياد قبل ارتكابهم الزلة ، ولا كذلك عذاب الأعداء [ إذ أخر ]{[21977]} عذابهم إلى اليوم الذي يدوم عليهم فيه العذاب .

وفيه وجه آخر ، وهو أن الذي سمعتموه{[21978]} منه لو كان سحرا أو شعرا أو كهانة أو تقولا{[21979]} لكان لا يمهله الله تعالى ، بل يؤاخذه على [ ما كان منه ]{[21980]} من غير عجز {[21981]} كما قال : { فما منكم من أحد عنه حاجزين } [ الآية 47 ] فإمهاله دل على أن الأمر ليس كما قالوا ، بل هو { تنزيل من رب العالمين } [ الآية : 43 ] .


[21975]:في الأصل وم: ساحر.
[21976]:من م، في الأصل: لأخذناه.
[21977]:في الأصل وم: فأخر.
[21978]:في الأصل وم: سمعتم
[21979]:في الأصل وم: تقولة
[21980]:في الأصل وم: المكان.
[21981]:في الأصل وم: ان عجزوا.