في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (10)

وفي ظلال قصة العقيدة ، وفي مواجهة وعد الله بالتمكين لهذا الدين الأخير ، يهتف القرآن الكريم بالذين آمنوا . . من كان يواجه ذلك الخطاب ومن يأتي بعدهم من المؤمنين إلى يوم الدين . . يهتف بهم إلى أربح تجارة في الدنيا والآخرة . تجارة الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله :

( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم . تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم . ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون . يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ، ذلك الفوز العظيم . وأخرى تحبونها : نصر من الله وفتح قريب ، وبشر المؤمنين ) . .

وصيغة التعبير بما فيها من فصل ووصل ، واستفهام وجواب ، وتقديم وتأخير ، صيغة ظاهر فيها القصد إلى إقرار هذا الهتاف في القلوب بكل وسائل التأثير التعبيرية .

يبدأ بالنداء باسم الإيمان : يا أيها الذين آمنوا . . يليه الاستفهام الموحي . فالله - سبحانه - هو الذي يسألهم ويشوقهم إلى الجواب : ( هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ? ) . .

ومن ذا الذي لا يشتاق لأن يدله الله على هذه التجارة ? وهنا تنتهي هذه الآية ، وتنفصل الجملتان للتشويق بانتظار الجواب المرموق .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (10)

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (10)

فيه خمس مسائل :

الأولى- قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة } قال مقاتل : نزلت في عثمان بن مظعون ؛ وذلك أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أذنت لي فطلقت خولة ، وترهبت واختصيت وحرمت اللحم ، ولا أنام بليل أبدا ، ولا أفطر بنهار أبدا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن من سنتي النكاح ولا رهبانية في الإسلام إنما رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله وخصاء أمتي الصوم ولا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ، ومن سنتي أنام وأقوم وأفطر وأصوم فمن رغب عن سنتي فليس منى ) ، فقال عثمان : والله لوددت يا نبي الله أي التجارات أحب إلى الله فأتجر فيها ، فنزلت . وقيل : " أدلكم " أي سأدلكم . والتجارة الجهاد ، قال الله تعالى : { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم } [ التوبة : 111 ] الآية{[14946]} وهذا خطاب لجميع المؤمنين ، وقيل : لأهل الكتاب .

الثانية- قوله تعالى : { تنجيكم } أي تخلصكم { من عذاب أليم } أي مؤلم ، وقد تقدم{[14947]} ، وقراءة العامة { تنجيكم } بإسكان النون من الإنجاء ، وقرأ الحسن وابن عامر وأبو حيوة { تنجيكم } مشددا من التنجية .


[14946]:راجع جـ 8 ص 267.
[14947]:راجع جـ 1 ص 198.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (10)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (10)

ولما أنتج هذا كله نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل حال ودمار من يخالف أمره ، أنتج قطعاً أن الجهاد معه {[65086]}متجر رابح{[65087]} لأن النصر مضمون ، والموت منهل لا بد من وروده سواء خاض الإنسان الحتوف أو احترس في القصور المشيدة ، فقال تعالى في أسلوب النداء والاستفهام لأنه أفخم وأشد تشويقاً{[65088]} بالأداة التي لا يكون ما بعدها إلا بالغاً في العظم إلى النهاية : { يا أيها الذين آمنوا } أي قالوا في{[65089]} إقرارهم بالإيمان ما عليهم أن يفعلوا بمقتضاه { هل أدلكم } وأنا المحيط علماً وقدرة ، فهي إيجاب في المعنى ذكر بلفظ الاستفهام تشويقاً ليكون أوقع في النفس فتكون له أشد تقبلاً ، والآية أيضاً نتيجة ما مضى باعتبار آخر{[65090]} لأنه لما وبخ على انحلال العزائم واخبر بما يجب من القتال ، وبكت على أذى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمخالفة ، وأخبر أن من خالفه لا يضر إلا نفسه ، كان موضع الاستباق في طاعته فرتب عليه الاشتياق إلى{[65091]} ذكر ثمرته فذكرها ، ولما كان{[65092]} فعل حاطب رضي الله عنه لأجل أن{[65093]} لا نجاح أهله الذين كانوا بمكة في أنفسهم ولا في شيء من مالهم ، وكان هذا في معنى التجارة قال : { على تجارة } وقراءة ابن عامر{[65094]} { تنجيكم } بالتشديد أنسب لهذا المقام من قراءة الجماعة بالتخفيف ، وقراءة الجماعة أنسب لمقصود{[65095]} حاطب رضي الله عنه { من عذاب أليم * } بالإجاحة{[65096]} في النفس أو{[65097]} المال .


[65086]:- من ظ وم، وفي الأصل: متجرا رابحا.
[65087]:- من ظ وم، وفي الأصل: متجرا رابحا.
[65088]:- من ظ وم، وفي الأصل: تسويفا.
[65089]:- زيد من ظ وم.
[65090]:- من ظ وم، وفي الأصل: أمر.
[65091]:- من ظ وم، وفي الأصل: في.
[65092]:- زيد من م.
[65093]:- من ظ وم، وفي الأصل: أنه.
[65094]:- راجع نثر المرجان 7/ 329.
[65095]:- من ظ وم، وفي الأصل: لعفود.
[65096]:- من ظ وم، وفي الأصل: بالإجابة.
[65097]:- من م وفي الأصل وظ "و".