السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (10)

واختلف في سب نزول قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا } أي : أقروا بالإيمان { هل أدلكم } أي : وأنا المحيط علماً وقدرة فهي إيجاب في المعنى ، ذكر بلفظ الاستفهام تشريفاً ليكون أوقع في النفس { على تجارة تنجيكم من عذاب أليم } أي : مؤلم فقال مقاتل : نزلت في عثمان بن مظعون قال : «يا رسول الله لو أذنت لي طلقت خولة ، وترهبت واختصيت ، وحرمت اللحم ، ولا أنام بليل أبداً ، ولا أفطر بنهار ، فقال صلى الله عليه وسلم إن من سنتي النكاح ، ولا رهبانية في الإسلام إنما رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله ، وخصاء أمتي الصوم ، ولا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ، ومن سنتي أنام وأقوم وأفطر وأصوم فمن رغب عن سنتي فليس مني ، فقال عثمان : والله لوددت يا رسول الله أيّ التجارة أحب إلى الله تعالى فأتجر فيها ، فنزلت » وقيل : أدلكم ، أي : سأدلكم ، والتجارة : الجهاد ، قال الله تعالى : { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم } [ التوبة : 111 ] الآية ، وهذا خطاب لجميع المؤمنين . وقيل : نزل هذا حين قالوا : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله تعالى لعملنا به . قال البغوي : وجعل هذا بمنزلة التجارة لأنهم يربحون بها رضا الله تعالى ، ونيل جنته والنجاة من النار وقرأ ابن عامر بفتح النون وتشدد الجيم ، والباقون بسكون النون وتخفيف الجيم .