فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (10)

{ يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ( 10 ) تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ( 11 ) يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ( 12 ) وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ( 13 ) } .

ينادي الله تعالى أهل الإيمان إلى ما يظفرهم بأسعد مآب ، وما يدركون به أجزل ثواب { والله يدعو إلى دار السلام . . }{[6718]} فمن ابتغى نعيمها ، فليسع لها ، وليبذل ثمنها الذي كتب الله لها ! { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة . . . }{[6719]} ولقد أقر أولو الألباب أنها تجارة رابحة لا يخالطها بوار ولا خسارة فقالوا : أنفس هو خالقها وأموال هو رازقها ، ثم يعطينا علينا أجراَََ الجنة ؛ إنها لصفقة رابحة ؛ وأية معاوضة أبرك من هذه المعاوضة ؟ ! يدعونا ليغفر لنا ذنوبنا ، ويحمينا من الخزي والتحسير ، وحر السعير ، ويسكننا قصورا أحكم بنيانها ، وشرف مكانها ، وكثرت بساتينها ، وتدفقت أنهارها ، لا ظعن من مقاعد الصدق هذه ولا تحول عنها ؛ فما أعظم الجزاء ، وأجزل العطاء ؛ ويعجل ربنا للمجاهدين في سبيله عزا ونصرا ، وتأييدا على العدو وظفرا ، وفتحا قريبا لما استغلق ، وبشرى للمؤمنين أن الله مع الصابرين ، والعاقبة للمتقين ؛ وإنما وجه النداء في الآية الأولى إلى { الذين آمنوا } ثم بدئت الآية الثانية بقوله سبحانه : { تؤمنون } إما لأن المراد : تستمرون على الإيمان ، وتثبتون مجاهدين ؛ أو : يا من انتسبتم إلى الإيمان هذا سبيل الصدق في اليقين ، والرسوخ في نصرة الدين ، حتى يتبين الذين أخلصوا ووفوا بعهد رب العالمين ؛ و{ تؤمنون }و { تجاهدون } قد يكون المراد منهما التجدد والاستمرار ، أو هما خبران بمعنى الآمر ، أي آمنوا وجاهدوا ؛ و{ يغفر لكم } مجزوم في جواب الأمر الذي جاء بلفظ الخبر- آي آمنوا وجاهدوا- أو جواب لشرط دل عليه الكلام ، والتقدير : إن تؤمنوا وتجاهدوا يغفر لكم . مما أورد صاحب [ جامع البيان . . . ] { ذلكم خير لكم } يقول : إيمانكم بالله ورسوله ، وجهادكم في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم خير لكم من تضييع ذلك والتفريط فيه { إن كنتم تعلمون } مضار الأشياء ومنافعها . . . ولكم أخرى تحبونها . . . ولكم خلة أخرى سوى ذلك تحبونها في الدنيا : نصر لكم على أعدائكم ، وفتح قريب يعجل لكم . . . وبشر- يا محمد- المؤمنين بنصر الله إياهم على عدوهم ، وفتح عاجل لهم . اه .


[6718]:- سورة يونس. من الآية 25.
[6719]:- سورة التوبة. من الآية 11.