تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدٗا وَقِيَٰمٗا} (64)

{ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } أي : يكثرون من صلاة الليل مخلصين فيها لربهم متذللين له كما قال تعالى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدٗا وَقِيَٰمٗا} (64)

عطف صفة أخرى على صفتيهم السابقتين على حدّ قول الشاعر :

إلى الملِك القرم وابن الهمام *** وليث الكتيبة في المُزدحم

وإعادة الموصول لتأكيد أنهم يُعرفون بهذه الصلة ، والظاهر أن هذه الموصولات وصلاتها كلها أخبار أو أوصاف لعباد الرحمان . روي عن الحسن البصري أنه كان إذا قرأ { الذين يمشون على الأرض هَوْناً } [ الفرقان : 63 ] قال : هذا وصف نهارهم ، ثم إذا قرأ { والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً } قال : هذا وصف ليلهم .

والقِيام : جمع قَائم كالصِحاب ، والسجود والقيام ركنا الصلاة ، فالمعنى : يبيتون يصلّون ، فوقع إطناب في التعبير عن الصلاة بركنيها تنويهاً بكليهما . وتقديم { سجداً } على { قياماً } للرعي على الفاصلة مع الإشارة إلى الاهتمام بالسجود وهو ما بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : « أقرب ما يكونُ العبد من ربه وهو ساجد » وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيري التهجد كما أثنى الله عليهم بذلك بقوله { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } [ السجدة : 16 ] .