تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَئِفۡكًا ءَالِهَةٗ دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ} (86)

{ أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ } أي : أتعبدون [ من دونه ] آلهة كذبا ، ليست بآلهة ، ولا تصلح للعبادة ، فما ظنكم برب العالمين ، أن يفعل بكم وقد عبدتم معه غيره ؟ وهذا ترهيب لهم بالجزاء بالعقاب على الإقامة على شركهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَئِفۡكًا ءَالِهَةٗ دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ} (86)

وجملة { أئِفكاً ءَالهة دون الله تريدون } بيان لجملة { ماذا تعبدون } بين به مصبّ الإِنكار في قوله : { ماذا تعبدون } وإيضاحَه ، أي كيف تريدون آلهة إفكاً .

وإرادة الشيء : ابتغاؤه والعزم على حصوله ، وحَقّ فعلها أن يتعدى إلى المعاني قال ابن الدمينة :

تريدين قَتلي قد ظَفِرتِ بذلك

فإذا عدي إلى الذوات كان على معنى يتعلق بتلك الذوات كقول عمرو بن شاس الأسدي :

أرادتْ عِراراً بالهوان ومن يُرِد *** عِراراً لعمري بالهوان فقد ظَلَم

فلذلك كانت تعدية فعل { تُريدونَ } إلى { ءَالهة } على معنى : تريدونها بالعبادة أو بالتأليه ، فكان معنى { ءَالهة } دليلاً على جانب إرادتها .

فانتصب { ءَالهةً } على المفعول به وقدم المفعول على الفعل للاهتمام به ولأن فيه دليلاً على جهة تجاوز معنى الفعل للمفعول .

وانتصب { إفكاً } على الحال من ضمير { تُريدونَ } أي آفكين . والإِفك : الكذب . ويجوز أن يكون حالاً من آلهة ، أي آلهة مكذوبة ، أي مكذوب تأليهها . والوصف بالمصدر صالح لاعتبار معنى الفاعل أو معنى المفعول . وقدمت الحال على صاحبها للاهتمام بالتعجيل بالتعبير عن كذبهم وضلالهم .

وقوله : { دُونَ الله } أي خلاف الله وغيره ، وهذا صالح لاعتبار قومه عبدة أوثان غير معترفين بإله غير أصنامهم ، ولاعتبارهم مشركين مع الله آلهة أخرى مثل المشركين من العرب لأن العرب بقيت فيهم أثارة من الحنيفية فلم ينسوا وصف الله بالإلهية وكان قوم إبراهيم وهم الكلدان يعبدون الكواكب نظير ما كان عَليه اليونان والقبط .