تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَنَّـٰتٍ أَلۡفَافًا} (16)

{ وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا } أي : بساتين ملتفة ، فيها من جميع أصناف الفواكه اللذيذة .

فالذي أنعم عليكم بهذه النعم العظيمة{[1336]} ، التي لا يقدر قدرها ، ولا يحصى عددها ، كيف [ تكفرون به و ] تكذبون ما أخبركم به من البعث والنشور ؟ ! أم كيف تستعينون بنعمه على معاصيه وتجحدونها ؟ "


[1336]:- في ب: الجليلة.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَجَنَّـٰتٍ أَلۡفَافًا} (16)

وجنات ألفافا ملتفة بعضها ببعض جمع لف كجذع قال جنة لف وعيش مغدق وندامى كلهم بيض زهر أو لفيف كشريف أو لف جمع لفاء كخضراء وخضر وأخضار أو متلفة بحذف الزوائد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَجَنَّـٰتٍ أَلۡفَافًا} (16)

ووجه إيثار لفظ { جنات } أن فيه إيماء إلى إتمام المنة لأنهم كانوا يحبون الجنات والحدائق لما فيها من التنعم بالظِّلال والثمار والمياه وجمال المنظر ، ولذلك أتبعت بوصف { ألفافاً } لأنه يزيدها حسناً ، وإن كان الفلاحون عندنا يفضلون التباعد بين الأشجار لأن ذلك أوفر لكمية الثمار لأن تباعدها أسعد لها بتخلل الهواء وشعاع الشمس ، لكن مساق الآية هنا الامتنان بما فيه نعيم الناس .

وألفاف : اسم جمع لا واحد له من لفظه وهو مثل أوزاع وأخياف ، أي كل جنة ملتفة ، أي ملتفة الشجر بعضه ببعض .

فوصف الجنات بألفَاف مبنيّ على المجاز العقلي لأن الالتفاف في أشجارها ولكن لما كانت الأشجار لا يَلتفّ بعضها على بعض في الغالب إلا إذا جمعتها جنة أسند ألفاف إلى جنات بطريق الوصف .

ولعله من مبتكرات القرآن إذ لم أر شاهداً عليه من كلام العرب قبل القرآن .

وقيل : ألفاف جمع لِفّ بكسر اللام بوزن جِذْع ، أي كل جنة منها لف بكسر اللام ولم يأتوا بشاهد عليه . وذكر في « الكشاف » أن صاحب « الإقليد »{[441]} ذكر بيتاً أنشده الحسن بن علي الطوسي{[442]} ولم يعزه إلى قائل . وفي « الكشاف » زعم ابن قتيبة{[443]} : أنه لَفَّاءُ ولُفُّ ثم ألفاف ( أي أن ألفافاً جمع الجمع ) قال : « وما أظنه واجداً له نظيراً » أي لا يجمع فُعْل جمعاً على أفعال ، أي لا نظير له إذ لا يقال خُضر وأخضار وحُمر وأحمار . يريد أنه لا يخرّج الكلام الفصيح على استعمال لم يثبت ورود نظيره في كلام العرب مع وجود تأويل له على وجه وارد .

فكان أظهر الوجوه أن { ألفافاً } اسم جمع لا واحد له من لفظه .

وبهذا الاستدلال والامتنان ختمت الأدلة التي أقيمت لهم على انفراد الله تعالى بالإلهية وتضمنت الإِيماء إلى إمكان البعث وما أدمج فيها من المنن عليهم عساهم أن يذكروا النعمة فيشعروا بواجب شكر المنعم ولا يستفظعوا إبطال الشركاء في الإلهية وينظروا فيما بلغهم عنه من الإِخبار بالبعث والجزاء فيصرفوا عقولهم للنظر في دلائل تصديق ذلك .

وقد ابتدئت هذه الدلائل بدلائل خلق الأرض وحالتها وجالت بهم الذكرى على أهم ما على الأرض من الجماد والحيوان ، ثم ما في الأفق من أعراض الليل والنهار . ثم تصاعد بهم التجوال بالنظر في خلق السماوات وبخاصة الشمس ثم نُزل بهم إلى دلائل السحاب والمطر فنزلوا معه إلى ما يخرج من الأرض من بدائع الصنائع ومنتهى المنافع فإذا هم ينظرون من حيث صَدروا وذلك من رد العجز على الصدر .


[441]:- الإقليد اسم تفسير كذا قال القزويني في الكشف على الكشاف ورأيت في طرة نسخة فيه أن الإقليد لأبي الفتح الهمذاني ولم أعثر على ترجمة مؤلفه.
[442]:- الحسن بن علي الطوسي لعله الوزير الملقب نظام الملك والبيت هو: جنة لف وعيش مغدق *** وندامى كلهم بيض زهر
[443]:- لعله ذكر ذلك في غير كتاب أدب الكاتب فإني لم أجده فيه.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَجَنَّـٰتٍ أَلۡفَافًا} (16)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني وبساتين ملتفة بعضها إلى بعض من كثرة الشجر...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ولنخرج بذلك الغيث جنات وهي البساتين وقال: وجنات، والمعنى: وثمر جنات، فترك ذكر الثمر استغناء بدلالة الكلام عليه من ذكره. وقوله: ألْفافا يعني: ملتفة مجتمعة...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

وإنما قال (جنات) لأن الشجر يجنها أي يسترها و (الألفاف) الأخلاط المتداخلة يدور بعضها على بعض...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ووجه إيثار لفظ {جنات} أن فيه إيماء إلى إتمام المنة لأنهم كانوا يحبون الجنات والحدائق لما فيها من التنعم بالظِّلال والثمار والمياه وجمال المنظر، ولذلك أتبعت بوصف {ألفافاً} لأنه يزيدها حسناً، وإن كان الفلاحون عندنا يفضلون التباعد بين الأشجار لأن ذلك أوفر لكمية الثمار لأن تباعدها أسعد لها بتخلل الهواء وشعاع الشمس، لكن مساق الآية هنا الامتنان بما فيه نعيم الناس.

وألفاف: اسم جمع لا واحد له من لفظه وهو مثل أوزاع وأخياف، أي كل جنة ملتفة، أي ملتفة الشجر بعضه ببعض.

فوصف الجنات بألفَاف مبنيّ على المجاز العقلي لأن الالتفاف في أشجارها ولكن لما كانت الأشجار لا يَلتفّ بعضها على بعض في الغالب إلا إذا جمعتها جنة أسند ألفاف إلى جنات بطريق الوصف.

ولعله من مبتكرات القرآن إذ لم أر شاهداً عليه من كلام العرب قبل القرآن...

وبهذا الاستدلال والامتنان ختمت الأدلة التي أقيمت لهم على انفراد الله تعالى بالإلهية وتضمنت الإِيماء إلى إمكان البعث وما أدمج فيها من المنن عليهم عساهم أن يذكروا النعمة فيشعروا بواجب شكر المنعم ولا يستفظعوا إبطال الشركاء في الإلهية وينظروا فيما بلغهم عنه من الإِخبار بالبعث والجزاء فيصرفوا عقولهم للنظر في دلائل تصديق ذلك.

وقد ابتدئت هذه الدلائل بدلائل خلق الأرض وحالتها وجالت بهم الذكرى على أهم ما على الأرض من الجماد والحيوان، ثم ما في الأفق من أعراض الليل والنهار. ثم تصاعد بهم التجوال بالنظر في خلق السماوات وبخاصة الشمس ثم نُزل بهم إلى دلائل السحاب والمطر فنزلوا معه إلى ما يخرج من الأرض من بدائع الصنائع ومنتهى المنافع فإذا هم ينظرون من حيث صَدروا وذلك من رد العجز على الصدر.