تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُم مِّن رَّحۡمَتِنَا وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ لِسَانَ صِدۡقٍ عَلِيّٗا} (50)

{ وَوَهَبْنَا لَهُمْ ْ } أي : لإبراهيم وابنيه { مِنْ رَحْمَتِنَا ْ } وهذا يشمل جميع ما وهب الله لهم من الرحمة ، من العلوم النافعة ، والأعمال الصالحة ، والذرية الكثيرة المنتشرة ، الذين قد كثر فيهم الأنبياء والصالحون . { وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ْ } وهذا أيضا من الرحمة التي وهبها لهم ، لأن الله وعد كل محسن ، أن ينشر له ثناء صادقا بحسب إحسانه ، وهؤلاء من أئمة المحسنين ، فنشر الله الثناء الحسن الصادق غير الكاذب ، العالي غير الخفي ، فذكرهم ملأ الخافقين ، والثناء عليهم ومحبتهم ، امتلأت بها القلوب ، وفاضت بها الألسنة ، فصاروا قدوة للمقتدين ، وأئمة للمهتدين ، . ولا تزال أذكارهم في سائر العصور ، متجددة ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُم مِّن رَّحۡمَتِنَا وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ لِسَانَ صِدۡقٍ عَلِيّٗا} (50)

{ ووهبنا لهم من رحمتنا } النبوة والأموال والأولاد . { وجعلنا لهم لسان صدق عليا } يفتخر بهم الناس ويثنون عليهم ، استجابة لدعوته { واجعل لي لسان صدق في الآخرين } والمراد باللسان ما يوجد به ، ولسان العرب لغتهم وإضافته إلى الصدق وتوصيفه بالعلو للدلالة على أنهم أحقاء بما يثنون عليهم ، وأن محامدهم لا تخفى على تباعد الأعصار وتحول الدول وتبدل الملل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُم مِّن رَّحۡمَتِنَا وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ لِسَانَ صِدۡقٍ عَلِيّٗا} (50)

وضمير لهم عائد إلى إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام .

و ( من ) في قوله { ومن ذريتهما محسن } [ الصافات : 113 ] إما حرف تبعيض صفة لمحذوف دلّ عليه { وهبنا } ، أي موهوباً من رحمتنا . وإما اسم بمعنى بَعض بتأويل ، كما تقدم عند قوله تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر } في سورة البقرة ( 8 ) . وإن كان النحاة لم يثبتوا لكلمة ( مِن ) استعمالها اسماً كما أثبتوا ذلك لكلمات ( الكاف ) و ( عن ) و ( على ) لكن بعض موارد الاستعمال تقتضيه ، كما قال التفتزاني في حاشية الكشاف ، وأقرّه عبْد الحكيم . وعلى هذا تكون ( مِن ) في موضع نصب على المفعول به لفعل وهبنا ، أي وهبنا لهم بعضَ رحمتنا ، وهي النبوءة ، لأنها رحمة لهم ولمن أرسلوا إليهم .

واللسان : مجاز في الذكر والثناء .

ووصف لسان بصدق وصفاً بالمصدر .

الصدق : بلوغ كمال نوعه ، كما تقدم آنفاً ، فلسان الصدق ثناء الخير والتبجيل ، ووصف بالعلوّ مجازاً لشرف ذلك الثناء .

وقد رتّب جزاء الله إبراهيم على نبذه أهل الشرك ترتيباً بديعاً إذ جوزي بنعمة الدنيا وهي العقب الشريف ، ونعمة الآخرة وهي الرحمة ، وبأثر تينك النعمتين وهو لسان الصدق ، إذ لا يذكر به إلا من حصل النعمتين .

وتقدم اختلاف القراء في نبيئا عند ذكر إبراهيم عليه السلام .