فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَوَهَبۡنَا لَهُم مِّن رَّحۡمَتِنَا وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ لِسَانَ صِدۡقٍ عَلِيّٗا} (50)

{ ووهبنا لهم من رحمتنا } أي للثلاثة بأن جعلناهم أنبياء ، وذكر هذا بعد التصريح بجعلهم أنبياء لبيان أن النبوة هي من باب الرحمة . وقيل المراد بالرحمة هنا المال وسعة الرزق ، وقيل كثرة الأولاد ، وقيل الكتاب ، ولا يبعد أن يندرج تحتها جميع هذه الأمور . ومن للتبعيض .

{ وجعلنا لهم لسان صدق عليا } أي الثناء الحسن قاله ابن عباس ، عبر عنه باللسان لكونه يوجد به ، كما عبر باليد عن العطية ، وإضافته إلى الصدق ووصفه بالعلو للدلالة على أنهم أحقاء بما يقال فيهم من الثناء على ألسن العباد ، ففي اللسان مجاز مرسل من إطلاق اسم الآلة وإرادة ما ينشأ منها . والمعنى وجعلنا لهم ثناء صادقا يذكرهم الأمم كلها إلى يوم القيامة ، بما لهم من الخصال المرضية ، ويصلون على إبراهيم وعلى آله إلى قيام الساعة ، وهذا توبيخ لكفار مكة إذ كان مقتضى ترضيهم وثنائهم على المذكورين أن يتبعونهم في الدين مع أنه لم يفعلوا .

ثم قفى الله سبحانه قصة إبراهيم بقصة موسى لأنه تلوه في الشرف ، وقدمه على إسماعيل لئلا يفصل بينه وبين ذكر يعقوب فقال :