تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

وهم الذين صبروا أنفسهم عند الضراء فلم ييأسوا ، وعند السراء فلم يبطروا ، وعملوا الصالحات من واجبات ومستحبات .

{ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } لذنوبهم ، يزول بها عنهم كل محذور . { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } وهو : الفوز بجنات النعيم ، التي فيها ما تشتهيه الأنفس ، وتلذ الأعين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

{ إلا الذين صبروا } على الضراء إيمانا بالله تعالى واستسلاما لقضائه . { وعملوا الصالحات } شكرا لآلائه سابقها ولاحقها . { أولئك لهم مغفرة } لذنوبهم . { وأجر كبير } أقله الجنة والاستثناء من الإنسان لأن المراد به الجنس فإذا كان محلى باللام أفاد الاستغراق ومن حمله على الكافر لسبق ذكرهم جعل الاستثناء منقطعا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

وقوله تعالى : { إلا الذين صبروا } الآية هذا الاستثناء متصل على ما قدمناه من أن الإنسان عام يراد به الجنس : ومن قال إنه مخصوص بالكافر قال هاهنا : إن الاستثناء منقطع ، وهو قول ضعيف من جهة المعنى وأما من جهة اللفظ فجيد ، وكذلك قاله من النحاة قوم .

واستثنى الله تعالى من الماشين على سجية الإنسان هؤلاء الذين حملتهم الأديان على الصبر على المكاره ومثابرة عبادة الله : وليس شيء من ذلك في سجية البشر وإنما حمل على ذلك حب الله وخوف الدار الآخرة . و » الصبر «و » العمل الصالح «لا ينفع إلا مع هداية وإيمان ، ثم وعد تعالى أهل هذه الصفة تحريضاً عليها وحضاً ، بالمغفرة للذنوب والتفضل بالأجر والنعيم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

احتراس باستثناء من ( الإنسان ) . والمراد بالّذين صبروا المؤمنون بالله لأنّ الصبر من مقارنات الإيمان فَكنيَ بالذين صبروا عن المؤمنين فإنّ الإيمان يَرُوضُ صاحبَه على مفارقة الهوى ونبذ معتاد الضلالة . قال تعالى : { إلاّ الّذينَ آمَنُوا وَعَملُوا الصّالحَات وَتَوَاصَوْا بالْحَقّ وَتَوَاصَوْا بالصّبْر } [ العصر : 3 ] .

ومنْ معاني الصبر انتظار الفرج ولذلك أوثرَ هنا وصفُ ( صبروا ) دون ( آمنوا ) لأنّ المرادَ مقابلة حالهم بحال الكفّار في قوله : { إنّه ليؤوس كفور } [ هود : 9 ] . ودل الاستثناء على أنّهم متّصفون بضد صفات المستثنى منهم . وفي هذا تحذير من الوقوع فيما يماثل صفات الكافرين على اختلاف مقادير . وقد نسجت الآية على هذا المنوال من الإجمال لتذهب نفوس السامعين من المؤمنين في طرق الحذر من صفتي اليأس وكفران النعمة ، ومن صفتي الفرح والفخر كل مذهب ممكن .

وجملة { أولئك لهم مغفرة وأجْرٌ كبير } مستأنفة ابتدائية . والإتيان باسم الإشارة عقب وصفهم بما دل عليه الاستثناء وبالصبر وعمل الصالحات تنبيهٌ على أنّهم استحقوا ما يذكر بعد اسم الإشارة لأجْل ما ذكر قبله من الأوصاف كقوله : { أولَئكَ عَلَى هُدىً منْ رَبهمْ وأولئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُون } [ البقرة : 5 ] .