تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٌ} (7)

ثم ذكر أن الناس انقسموا بحسب طاعة الشيطان وعدمها إلى قسمين ، وذكر جزاء كل منهما ، فقال : { الَّذِينَ كَفَرُوا } أي : جحدوا ما جاءت به الرسل ، ودلت عليه الكتب { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } في نار جهنم ، شديد في ذاته ووصفه ، وأنهم خالدون فيها أبدا .

{ وَالَّذِينَ آمَنُوا } بقلوبهم ، بما دعا اللّه إلى الإيمان به { وَعَمِلُوا } بمقتضى ذلك الإيمان ، بجوارحهم ، الأعمال { الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } لذنوبهم ، يزول بها عنهم الشر والمكروه { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } يحصل به المطلوب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٌ} (7)

ولما أنهى البيان في غرض الشيطان إلى منتهاه ، نبه على ما حكم به هو سبحانه في أشياعه بقوله مستأنفاً : { الذين كفروا } أي غطو بالاتباع له بالهوى ما دلتهم عليه عقولهم وكشفه لهم غاية الكشف هذا البيان العزيز { لهم عذاب شديد } أي في الدنيا بفوات غالب ما يؤملون مع تفرقة قلوبهم وانسداد بصائرهم وسفالة هممهم حتى أنهم رضوا أن يكون إلههم حجراً ، وانحجاب المعارف التي لا لذاذة في الحقيقة غيرها عنهم ، وفي الآخرة بالسعير التي دعاهم إلى صحبتها .

ولما ذكر جزاء حزبه ، اتبعه حزب الله الذين عادوا عدوهم فقال : { والذين آمنوا وعملوا } أي تصديقاً لإيمانهم { الصالحات } ولما كان من أعظم مصايد الشيطان ما يعرض للإنسان خطأ وجهلاً من العصيان ، لما له من النقصان ليجره بذلك إلى العمد والعدوان ، قال تعالى داعياً له إلى طاعته وإزالة لخجلته : { لهم مغفرة } أي ستر لذنوبهم بحيث لا عقاب ولا عتاب ، وذلك معجل في هذه الدار ، ولولا ذلك لافتضحوا وغداً ، ولولا ذلك لهلكوا . ولما محاها عيناً وأثراً ، أثبت الإنعام فقال : { وأجر كبير * } أي يجل عن الوصف بغير هذا الإجمال ، فمنه عاجل بسهولة العبادة ودوام المعرفة وما يرونه في القلوب من وراء اليقين ، وآجل بتحقيق المسؤول من عظيم المنة ، ونيل ما فوق المأمول في الجنة .