تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞قَٰلَ أَوَلَوۡ جِئۡتُكُم بِأَهۡدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمۡ عَلَيۡهِ ءَابَآءَكُمۡۖ قَالُوٓاْ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (24)

ولهذا كل رسول يقول لمن عارضه بهذه الشبهة الباطلة : { أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ } أي : فهل تتبعوني لأجل الهدى ؟ { قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } فعلم بهذا ، أنهم ما أرادوا اتباع الحق والهدى ، وإنما قصدهم اتباع الباطل والهوى .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞قَٰلَ أَوَلَوۡ جِئۡتُكُم بِأَهۡدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمۡ عَلَيۡهِ ءَابَآءَكُمۡۖ قَالُوٓاْ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (24)

ثم قال تعالى : { قال } أي : يا محمد لهؤلاء المشركين : { أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } أي : ولو علموا وتيقنوا صحة ما جئتهم به ، لما انقادوا لذلك بسوء قصدهم ومكابرتهم للحق وأهله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞قَٰلَ أَوَلَوۡ جِئۡتُكُم بِأَهۡدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمۡ عَلَيۡهِ ءَابَآءَكُمۡۖ قَالُوٓاْ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (24)

{ قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بأهدى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ ءَابَآءَكُمْ } .

قرأ الجمهور { قُلْ } بصيغة فعل الأمر لِمفرد فيكون أمراً للرّسول صلى الله عليه وسلم بأن يَقوله جواباً عن قول المشركين { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون } [ الزخرف : 22 ] .

وقرأ ابن عامر وحفص { قال } بصيغة فعل المضي المسند إلى المفرد الغائب فيكون الضمير عائداً إلى نذير الذين قالوا { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } [ الزخرف : 23 ] . فحصل من القراءتين أن جميع الرّسل أجابوا أقوامهم بهذا الجواب ، وعلى كلتا القراءتين جاء فعل { قل } أو { قال } مفصولاً غير معطوف لأنه واقع في مجال المحاورة كما تقدم غير مرة ، منها قوله تعالى : { قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها } في سورة البقرة ( 30 ) .

وقرأ الجمهور جئتكم } بضمير تاء المتكلم . وقرأ أبو جعفر { جئنَاكم } بنون ضمير المتكلم المشارك وأبو جعفر من الذين قرأُوا { قل } بصيغة الأمر فيكون ضمير { جئنَاكم } عائداً للنبيء صلى الله عليه وسلم المخاطب بفعل { قُل } لتعظيمه صلى الله عليه وسلم من جانب ربّه تعالى الذي خاطبه بقوله : { قل } .

والواو في قوله : { أولو } عاطفة الكلام المأمور به على كلامهم ، وهذا العطف مما يسمى عطف التلقين ، ومنه قوله تعالى عن إبراهيم : { قال ومن ذريتي } [ البقرة : 124 ] . والهمزة للاستفهام التقريري المشوببِ بالإنكار . وقدمت على الواو لأجل التصدير .

و { لو } وصلية ، و { لو } الوصلية تقتضي المبالغة بنهاية مدلول شرطها كما تقدم عند قوله تعالى : { ولو افتدى به } في آل عمران ( 91 ) ، أي لو جئتكم بأهدى من دين آبائكم تبقون على دين آبائكم وتتركون ما هو أهدى .

والمقصود من الاستفهام تقريرهم على ذلك لاستدعائهم إلى النظر فيما اتبعوا فيه آباءهم لعل ما دعاهم إليه الرّسول أهدى منهم . وصوغ اسم التفضيل من الهَدي إرخاء للعنان لهم ليتدبروا ، نُزّل ما كان عليهم آباؤهم منزلة ما فيه شيء من الهُدى استنزالاً لطائر المخاطبين ليتصدّوا للنظر كقوله : { وإنّا أو إيّاكم لعلى هُدىً أو في ضلاللٍ مبينٍ } [ سبأ : 24 ] .

{ قالوا إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافرون } .

بدل من جملة { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } [ الزخرف : 23 ] ، لأن ذلك يشتمل على معنى : لا نتبعكم ونترك ما وجدنا عليه آباءنا ، وضمير { قالوا } راجع إلى { مترفوها } [ الزخرف : 23 ] لأن موقع جملة { فانتقمنا منهم } [ الزخرف : 25 ] يعين أن هؤلاء القائلين وقع الانتقام منهم فلا يكون منهم المشركون الذين وقع تهديدهم بأولئك .

وقولهم : ( ما أرسلتم به ) يجوز أن يكون حكاية لقولهم ، فإطلاقهم اسم الإرسال على دعوة رُسلهم تهكم مثل قوله : { ما لهذا الرّسول يأكل الطعام } [ الفرقان : 7 ] ويجوز أن يكون حكاية بالمعنى وإنما قالوا إنّا بما زعمتم أنكم مرسلون به ، وما أرسلوا به توحيد الإله .