تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلۡحِنثِ ٱلۡعَظِيمِ} (46)

{ وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ } أي : وكانوا يفعلون الذنوب الكبار ولا يتوبون منها ، ولا يندمون عليها ، بل يصرون على ما يسخط مولاهم ، فقدموا عليه بأوزار كثيرة [ غير مغفورة ] .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلۡحِنثِ ٱلۡعَظِيمِ} (46)

{ وَكَانُوا يُصِرُّونَ } أي : يُصَمِّمون ولا ينوون توبة { عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ } وهو الكفر بالله ، وجعل الأوثان والأنداد أربابًا من دون الله .

قال ابن عباس : { الْحِنْثِ الْعَظِيمِ } الشرك . وكذا قال مجاهد ، وعِكْرِمَة ، والضحاك ، وقتادة ، والسُّدِّيّ ، وغيرهم .

وقال الشعبي : هو اليمين الغموس .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلۡحِنثِ ٱلۡعَظِيمِ} (46)

وقوله : وكانُوا يُصِرّونَ على الْحِنْثِ العَظِيمِ يقول جلّ ثناؤه : وكانوا يقيمون على الذنب العظيم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، يُصِرّون : يدمنون .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : يدهنون ، أو يدمنون .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وكانُوا يُصِرّونَ قال : لا يتوبون ولا يستغفرون ، والإصرار عند العرب على الذنب : الإقامة عليه ، وترك الإقلاع عنه .

وقوله : عَلى الْحِنْثِ العَظِيمِ يعني : على الذنب العظيم ، وهو الشرك بالله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد على الْحِنْثِ العَظِيمِ قال : على الذنب .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبو تُمَيلة ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك ، في قوله : الْحِنْثِ العَظِيمِ قال : الشرك .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : على الْحِنْثِ العَظِيمِ يعني : الشرك .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة الْحِنْثِ العَظِيمِ قال : الذنب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد وكانُوا يُصِرّونَ على الْحِنْثِ العَظِيمِ قال : الحنث العظيم : الذنب العظيم ، قال : وذلك الذنب العظيم الشرك لا يتوبون ولا يستغفرون .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وكانُوا يُصِرّونَ على الْحِنْثِ العَظِيمِ وهو الشرك .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، على الْحِنْثِ العَظِيمِ قال : الذنب العظيم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلۡحِنثِ ٱلۡعَظِيمِ} (46)

و { يصرون } معناه : يعتقدون اعتقاداً لا ينوون عنه إقلاعاً ، قال ابن زيد : لا يثوبون ولا يستغفرون . و { الحنث } : الإثم ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «من مات له ثلاث من الولد لم يبلغوا الحنث . . . » الحديث{[10913]} ، أراد : لم يبلغوا الحلم فتتعلق بهم الآثام . وقال الخطابي : { الحنث } في كلام العرب العدل الثقيل ، شبه الإثم به .

واختلف المفسرون في المراد بهذا الإثم هنا ، فقال قتادة والضحاك وابن زيد : هو الشرك ، وهذا هو الظاهر . وقال قوم في ما ذكر مكي : هو الحنث في قسمهم الذي يتضمنه قوله تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم }{[10914]} [ الأنعام : 109 ، النحل : 38 ، النور : 53 ، فاطر : 42 ] الآية في التكذيب بالبعث ، وهذا أيضاً يتضمن الكفر ، فالقول به على عمومه أولى . وقال الشعبي : { الحنث العظيم } : اليمين الغموس{[10915]} .


[10913]:أخرجه البخاري في العلم والجنائز، ومسلم في البِر، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي في الجنائز، وأحمد في مواضع كثيرة من مسنده، ولفظه فيه: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم بلغوا الحِنث إلا كانوا لهما حصنا حصينا من النار)، فقيل: يا رسول الله، فإن كانا اثنين؟ قال:(وإن كانا اثنين)، فقال أبو ذر رضي الله عنه: يا رسول الله، لم أقدم إلا اثنين، قال:(وإن كانا اثنين)، قال: فقال أبي بن كعب أبو المنذر سيد القراء رضي الله عنه: لم أقدم إلا واحدا، قال: فقيل له: وإن كان واحدا؟ فقال: (إنما ذاك عند الصدمة الأولى).
[10914]:من الآية(38) من سورة (النحل).
[10915]:اليمين الغموس: الكاذبة، تغمس صاحبها في الإثم، وفي الحديث(اليمين الغموس تذر الديار بلاقع).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلۡحِنثِ ٱلۡعَظِيمِ} (46)

والحِنث : الذنب والمعصية وما يتخرج منه ، ومنه قولهم : حنث في يمينه ، أي أهمل ما حلف عليه فجر لنفسه حرجاً .

ويجوز أن يكون الحنث حنث اليمين فإنهم كانوا يقسمون على أن لا بَعثَ ، قال تعالى : { وأقسَموا بالله جَهدَ أيمانهم لا يبعثُ الله من يموت } [ النحل : 38 ] ، فذلك من الحنث العظيم ، وقال تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليومنن بها } [ الأنعام : 109 ] وقد جاءتهم آية إعجاز القرآن فلم يؤمنوا به .

والعظيم : القوي في نوعه ، أي الذنب الشديد والحنث العظيم هو الإِشراك بالله . وفي حديث ابن مسعود أنه قال : « قلت : يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تدعو لله نداً وهو خلقك » وقال تعالى : { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] .

ومعنى { يصرون } : يثبتون عليه لا يقبلون زحزحة عنه ، أي لا يضعون للدعوة إلى النظر في بطلان عقيدة الشرك .

وصيغة المضارع في { يصرون } و { يقولون } تفيد تكرر الإصرار والقول منهم . وذكر فعل { كانوا } لإِفادة أن ذلك ديدنهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلۡحِنثِ ٱلۡعَظِيمِ} (46)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وكانوا يصرون على الحنث العظيم} يعني يقيمون على الذنب الكبير وهو الشرك...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"وكانُوا يُصِرّونَ على الْحِنْثِ العَظِيمِ "يقول جلّ ثناؤه: وكانوا يقيمون على الذنب العظيم... عن مجاهد، "يُصِرّون": يدمنون... قال ابن زيد، في قوله: "وكانُوا يُصِرّونَ" قال: لا يتوبون ولا يستغفرون، والإصرار عند العرب على الذنب: الإقامة عليه، وترك الإقلاع عنه.

وقوله: "عَلى الْحِنْثِ العَظِيمِ" يعني: على الذنب العظيم، وهو الشرك بالله...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

و {الحنث}: الذنب العظيم. ومنه قولهم: بلغ الغلام الحنث، أي: الحلم ووقت المؤاخذة بالمآثم...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{وكانوا يصرون} لأن صدور الكفران ممن عليه غاية الإنعام أقبح القبائح فقال: إنهم كانوا مترفين، ولم يشكروا نعم الله بل أصروا على الذنب...

ما الإصرار على الحنث العظيم؟

نقول: الشرك، كما قال تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} وفيها لطيفة وهي أنه أشار في الآيات الثلاث إلى الأصول الثلاثة فقوله تعالى: {إنهم كانوا قبل ذلك مترفين} من حيث الاستعمال يدل على ذمهم بإنكار الرسل، إذ المترف متكبر بسبب الغنى فينكر الرسالة، والمترفون كانوا يقولون: {أبشر منا واحدا نتبعه} وقوله: {يصرون على الحنث العظيم} إشارة إلى الشرك ومخالفة التوحيد...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(وكانوا يصرون على الحنث العظيم).. والحنث الذنب. وهو هنا الشرك بالله. وفيه إلماع إلى الحنث بالعهد الذي أخذه الله على فطرة العباد أن يؤمنوا به ويوحدوه...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والعظيم: القوي في نوعه، أي الذنب الشديد والحنث العظيم هو الإِشراك بالله...

ومعنى {يصرون}: يثبتون عليه لا يقبلون زحزحة عنه، أي لا يصغون للدعوة إلى النظر في بطلان عقيدة الشرك. وصيغة المضارع في {يصرون} و {يقولون} تفيد تكرر الإصرار والقول منهم. وذكر فعل {كانوا} لإِفادة أن ذلك ديدنهم.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

«الحنث» في الأصل يعني كلّ نوع من الذنوب، وقد استعمل هذا المصطلح في كثير من الموارد بمعنى نقض العهد ومخالفة القسم، لكونه مصداقاً واضحاً للذنب، وبناءً على هذا فإنّ خصوصية أصحاب الشمال ليس فقط في ارتكاب الذنوب ولكن في الإصرار عليها، لأنّ الذنب يمكن صدوره من أصحاب اليمين أيضاً، إلاّ أنّهم لا يصرّون عليه أبداً، ويستغفرون ربّهم ويعلنون التوبة إليه عند تذكّره...

وفسّر (الحنث) بالكذب، لأنّه أعظم الذنوب، ومفتاح المعاصي، خصوصاً حينما يكون الكذب توأماً لتكذيب الأنبياء (عليهم السلام) والمعاد...