غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلۡحِنثِ ٱلۡعَظِيمِ} (46)

1

{ وكانوا يصرون على الحنث } وهو الذنب الكبير ووصفه بالعظم مبالغة على مبالغة تقول : بلغ الغلام الخنث أي الحلم ووقت المؤاخذة بالمآثم وحنث في يمينه خلاف بر فيها . وخص جمع من المفسرين فقالوا . أعني به الشرك . وعن الشعبي : هو اليمين الغموس وذلك أنهم كانوا يحلفون أنهم لا يبعثون يدل عليه ما بعده وقد مر مثله في " الصافات " . واعلم أنه سبحانه ذكر في تفصيل الأزواج الثلاثة نسقاً عجيباً وأسلوباً غريباً . وذلك أنه لم يورد في التفصيل إلا ذكر صنفين . أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة . ثم بعدما عجب منهما بين حال الثلاثة السابقين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال فأقول وبالله التوفيق : هذا كلام موجز معجز فيه لطائف خلت التفاسير عنها منها : أنه طوى ذكر السابقين في أصحاب الميمنة لأن كلاً من السابقين ومن أصحاب اليمين أصحاب اليمن والبركة كما أن أصحاب الشمال أهل الشؤم والنكد ، وكأن في هذا الطي إشارة إلى الحديث القدسي " أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري " ومنها أن ذكر السابقين وقع في الوسط باعتبار وخير الأمور أوسطها ، وفي الأول باعتبار والأشراف بالتقديم أولى ، وفي الآخر باعتبار ليكون إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم " نحن الآخرون السابقون " ومنها أن مفهوم السابق متعلق بمسبوق ، فما لم يعرف ذات المسبوق لم يحسن ذكر السابق من حيث هو سابق . فهذا ما سنح للخاطر وسمح به والله تعالى أعلم بمراده .

/خ95