تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ وَمَا عِلۡمِي بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (112)

فقال نوح عليه السلام : { وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * إِنْ حِسَابُهُمْ إِلا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ } أي أعمالهم وحسابهم على الله إنما علي التبليغ وأنتم دعوهم عنكم إن كان ما جئتكم به الحق فانقادوا له وكل له عمله

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ وَمَا عِلۡمِي بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (112)

105

ومن ثم يجيبهم نوح الجواب الذي يقرر القيم الثابتة ؛ ويحدد اختصاص الرسول ، ويدع أمر الناس وحسابهم لله على ما يعملون .

( قال : وما علمي بما كانوا يعملون ? إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون . وما أنا بطارد المؤمنين . إن أنا إلا نذير مبين ) .

والكبراء يقولون دائما عن الفقراء : إن عاداتهم وأخلاقهم لا ترضي العلية ، ولا تطاق في أوساط الطبقة الراقية ذات الحس المرهف والذوق اللطيف ! فنوح يقول لهم : إنه لا يطلب إلى الناس شيئا سوى الإيمان . وقد آمنوا . فأما عملهم قبله فموكول إلى الله ، وهو الذي يزنه ويقدره . ويجزيهم على الحسنات والسيئات . وتقدير الله هو الصحيح ( لو تشعرون )بالقيم الحقة التي ترجح في ميزان الله . وما وظيفتي إلا الإنذار والإفصاح : ( إن أنا إلا نذير مبين ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ وَمَا عِلۡمِي بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (112)

يقولون : أنؤمن لك ونتبعك ، ونتساوى في ذلك بهؤلاء الأراذل{[21798]} الذين اتبعوك وصدقوك ، وهم أراذلنا{[21799]} ؛ ولهذا قالوا : { أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ . قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ؟ أي : وأي شيء يلزمني من اتباع هؤلاء لي ، ولو كانوا على أي شيء كانوا عليه لا يلزمني التنقيب عنه والبحث والفحص ، إنما عليَّ أن أقبل منهم تصديقهم{[21800]} إياي ، وأكل سرائرهم إلى الله ، عز وجل .

{ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ } ، كأنهم سألوا منه أن يبعدهم عنه ليتابعوه{[21801]} ، فأبى عليهم ذلك ، وقال : { وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ * إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي : إنما بعثت نذيرًا ، فمن أطاعني واتبعني وصدقني كان مني وكنت منه ، سواء كان شريفًا أو وضيعًا ، أو جليلا أو حقيرًا .


[21798]:- في أ : "الأرذال".
[21799]:- في أ : "أرذالنا".
[21800]:- في أ : "صدقهم".
[21801]:- في ف : "ليتابعون" وفي أ : "ليبايعوه.

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ وَمَا عِلۡمِي بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (112)

فذهب أشرافهم إلى استنقاص أتباعه بسبب صغار الناس الذين اتبعوه وضعفائهم ، وهذا كفعل قريش في شأن عمار بن ياسر وصهيب وغيرهما ، وقال بعض الناس { الأرذلون } الحاكة ، والحجامون والأساكفة ، وفي هذا عندي على جهة المثال ، أي أهل الصنائع الخسيسة لا أن هذه الصنائع المذكورة خصت بهذا .

و { الأرذلون } جمع الأرذل ولا يستعمل إلا معرفاً أو مضافاً أو ب «من » .

وإعراب قوله «وأتباعك » إما جملة في موضع الحال وإما عطف على الضمير المرفوع وحسن لك الفصل بقوله { لك }{[1]} .

قال القاضي أبو محمد : ويظهر من الآية أن مراد { قوم نوح } بنسبة الرذيلة إلى المؤمنين تهجين أفعالهم لا النظر في صنائعهم ، يدل على ذلك قول نوح { ما علمي } الآية ، لأن معنى كلامه ليس في نظري وعلمي بأعمالهم ومعتقداتهم فائدة إنما أقنع بظاهرهم وأجتزىء به ، ثم حسابهم على الله تعالى ، وهذا نحو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «أمرت أن أقاتل الناس » الحديث بجملته{[1]} ، وقرأ جمهور الناس «واتبعك » على الفعل الماضي ، وقرأ ابن السميفع اليماني وسعيد بن أسعد الأنصاري «وأتباعك » على الجمع ، ونسبها أبو الفتح إلى ابن مسعود والضحاك وطلحة ، قال أبو عمرو وهي قراءة ابن عباس والأعمش وأبي حيوة{[1]} .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالَ وَمَا عِلۡمِي بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (112)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قال} نوح عليه السلام: {وما علمي بما كانوا يعملون} يقول: لم أكن أعلم أن الله يهديهم للإيمان من بينكم ويدعكم.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قال:"وَمَا عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ" قال نوح لقومه: وما علمي بما كان أتباعي يعملون، إنما لي منهم ظاهر أمرهم دون باطنه، ولم أكلّف علم باطنهم، وإنما كلفت الظاهر، فمن أظهر حسنا ظننت به حسنا، ومن أظهر سيئا ظننت به سيئا.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

إنما لي منهم ظاهر أمرهم، وعليَّ أن أدعوهم،وليس علي من خساسة أحوالهم ودناءة مكاسبهم شيء، ولم أُكلّف ذلك إنّما كُلّفت أن أدعوهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{وَمَا عِلْمِي} وأي شيء علمي؟ والمراد: انتفاء علمه بإخلاص أعمالهم لله واطلاعه على سر أمرهم وباطنه. وإنما قال هذا لأنهم قد طعنوا مع استرذالهم في إيمانهم، وأنهم لم يؤمنوا على نظر وبصيرة، وإنما آمنوا هوى وبديهة،كما حكى الله عنهم في قوله: {الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ الرأى} [هود: 27].

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 111]

يقولون: أنؤمن لك ونتبعك، ونتساوى في ذلك بهؤلاء الأراذل الذين اتبعوك وصدقوك، وهم أراذلنا؛ ولهذا قالوا: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ. قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؟ أي: وأي شيء يلزمني من اتباع هؤلاء لي، ولو كانوا على أي شيء كانوا عليه لا يلزمني التنقيب عنه والبحث والفحص، إنما عليَّ أن أقبل منهم تصديقهم إياي، وأكل سرائرهم إلى الله، عز وجل.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{قال} نافياً لعلمه بما قالوه في صورة استفهام إنكاري: {وما} أي وأيّ شيء {علمي بما كانوا يعملون} أي قبل أن يتبعوني، أي وما لي وللبحث عن ذلك، إنما لي ظاهرهم الآن وهو خير ظاهر، فهم الأشرفون وإن كانوا أفقر الناس وأخسّهم نسباً، فإن الغنى غنى الدين، والنسب نسب التقوى؛

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ومن ثم يجيبهم نوح الجواب الذي يقرر القيم الثابتة؛ ويحدد اختصاص الرسول، ويدع أمر الناس وحسابهم لله على ما يعملون.

(قال: وما علمي بما كانوا يعملون؟ إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون. وما أنا بطارد المؤمنين. إن أنا إلا نذير مبين).

والكبراء يقولون دائما عن الفقراء: إن عاداتهم وأخلاقهم لا ترضي العلية، ولا تطاق في أوساط الطبقة الراقية ذات الحس المرهف والذوق اللطيف! فنوح يقول لهم: إنه لا يطلب إلى الناس شيئا سوى الإيمان. وقد آمنوا. فأما عملهم قبله فموكول إلى الله، وهو الذي يزنه ويقدره. ويجزيهم على الحسنات والسيئات. وتقدير الله هو الصحيح (لو تشعرون) بالقيم الحقة التي ترجح في ميزان الله. وما وظيفتي إلا الإنذار والإفصاح: (إن أنا إلا نذير مبين).

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

الاستفهام هنا للتنبيه إلى أنه لا يعلم ما كانوا يعلمون لنيل رزقهم، وأنه لا يهتم به، إنما يهمه فقط إجابة دعوته، وما يحرضهم عليه من تقوى وهداية، أي أنه عليه السلام لا يهتم بالذي كانوا يعملونه وهم مستمرون على عمله سواء كانوا يمتهنون صناعات صغيرة، أو صناعات كبيرة، إن ذلك لا يعنيه.