تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَهُمۡ لَهَا سَٰبِقُونَ} (61)

{ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ } أي : في ميدان التسارع في أفعال الخير ، همهم ما يقربهم إلى الله ، وإرادتهم مصروفة فيما ينجي من عذابه ، فكل خير سمعوا به ، أو سنحت لهم الفرصة إليه ، انتهزوه وبادروه ، قد نظروا إلى أولياء الله وأصفيائه ، أمامهم ، ويمنة ، ويسرة ، يسارعون في كل خير ، وينافسون في الزلفى عند ربهم ، فنافسوهم . ولما كان السابق لغيره المسارع قد يسبق لجده وتشميره ، وقد لا يسبق لتقصيره ، أخبر تعالى أن هؤلاء من القسم السابقين فقال :

{ وَهُمْ لَهَا } أي : للخيرات { سَابِقُونَ } قد بلغوا ذروتها ، وتباروا هم والرعيل الأول ، ومع هذا ، قد سبقت لهم من الله سابقة السعادة ، أنهم سابقون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَهُمۡ لَهَا سَٰبِقُونَ} (61)

53

وهؤلاء هم الذين يسارعون في الخيرات ، وهم الذين يسبقون لها فينالونها في الطليعة ، بهذه اليقظة ، وبهذا التطلع ، وبهذا العمل ، وبهذه الطاعة . لا أولئك الذين يعيشون في غمرة ويحسبون لغفلتهم أنهم مقصودون بالنعمة ، مرادون بالخير ، كالصيد الغافل يستدرج إلى مصرعه بالطعم المغري . ومثل هذا الطير في الناس كثير ، يغمرهم الرخاء ، وتشغلهم النعمة ، ويطغيهم الغنى ، ويلهيهم الغرور ، حتى يلاقوا المصير !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَهُمۡ لَهَا سَٰبِقُونَ} (61)

وقوله : أُولَئِكَ يُسارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين هذه الصفات صفاتهم ، يبادرون في الأعمال الصالحة ويطلبون الزلفة عند الله بطاعته . كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أُولَئكَ يُسارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ .

وقوله : وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ كان بعضهم يقول : معناه : سبقت لهم من الله السعادة ، فذلك سبوقهم الخيرات التي يعملونها . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَهُمْ لَها سَابِقُونَ يقول : سبقت لهم السعادة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَهُمْ لَهَا سابِقُونَ ، فتلك الخيرات .

وكان بعضهم يتأوّل ذلك بمعنى : وهم إليها سابقون . وتأوّله آخرون : وهم من أجلها سابقون .

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب القول الذي قاله ابن عباس ، من أنه سبقت لهم من الله السعادة قبل مسارعتهم في الخيرات ، ولما سبق لهم من ذلك سارعوا فيها .

وإنما قلت ذلك أولى التأويلين بالكلام لأن ذلك أظهر معنييه ، وأنه لا حاجة بنا إذا وجهنا تأويل الكلام إلى ذلك ، إلى تحويل معنى «اللام » التي في قوله : وَهُمْ لَهَا إلى غير معناها الأغلب عليها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَهُمۡ لَهَا سَٰبِقُونَ} (61)

وقرأ الجمهور «يسارعون » وقرأ الحر النحوي «يسرعون وأنهم إليها سابقون » ، وهذا قول بعضهم في قوله لها ، وقالت فرقة : معناه وهم من أجلها سابقون ، فالسابق على هذا التأويل هو إلى رضوان الله تعالى وعلى الأول هو إلى الخيرات ، وقال الطبري عن ابن عباس : المعنى سبقت لهم السعادة في الأزل فهم لها ورجحه الطبري بأن اللام متمكنة في المعنى{[8509]} .


[8509]:ورجح القرطبي وأبو حيان الأندلسي أن اللام بمعنى "إلى"، وهي كاللام في قوله تبارك وتعالى: {بأن ربك أوحى لها}، أي أوحى إليها، وأنشد سيبويه شاهدا لذلك قول الأعشى: تجانف عن جو اليمامة ناقتي وما قصدت من أهلها لسوائكا أي: إلى سواك، والتجانف: الميل.