جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَهُمۡ لَهَا سَٰبِقُونَ} (61)

وقوله : أُولَئِكَ يُسارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين هذه الصفات صفاتهم ، يبادرون في الأعمال الصالحة ويطلبون الزلفة عند الله بطاعته . كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أُولَئكَ يُسارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ .

وقوله : وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ كان بعضهم يقول : معناه : سبقت لهم من الله السعادة ، فذلك سبوقهم الخيرات التي يعملونها . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَهُمْ لَها سَابِقُونَ يقول : سبقت لهم السعادة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَهُمْ لَهَا سابِقُونَ ، فتلك الخيرات .

وكان بعضهم يتأوّل ذلك بمعنى : وهم إليها سابقون . وتأوّله آخرون : وهم من أجلها سابقون .

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب القول الذي قاله ابن عباس ، من أنه سبقت لهم من الله السعادة قبل مسارعتهم في الخيرات ، ولما سبق لهم من ذلك سارعوا فيها .

وإنما قلت ذلك أولى التأويلين بالكلام لأن ذلك أظهر معنييه ، وأنه لا حاجة بنا إذا وجهنا تأويل الكلام إلى ذلك ، إلى تحويل معنى «اللام » التي في قوله : وَهُمْ لَهَا إلى غير معناها الأغلب عليها .