في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَعَقَرُوهَا فَأَصۡبَحُواْ نَٰدِمِينَ} (157)

فماذا فعلت الآية الخارقة بالقوم المتعنتين ? إنها لم تسكب الإيمان في القلوب الجافة ؛ ولم تطلع النور في الأرواح المظلمة . على الرغم من قهرها لهم وتحديهم بها . وإنهم لم يحفظوا عهدهم ، ولم يوفوا بشرطهم :

( فعقروها فأصبحوا نادمين ) .

والعقر : النحر . والذين عقروها منهم هم الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ولقد حذرهم منهم صالح وأنذرهم فلم يخشوا النذير . ومن ثم كتبت خطيئتها على الجميع ، وكان الجميع مؤاخذين بهذا الإثم العظيم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَعَقَرُوهَا فَأَصۡبَحُواْ نَٰدِمِينَ} (157)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مّؤْمِنِينَ * وَإِنّ رَبّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ } .

يقول تعالى ذكره ، فخالفت ثمود أمر نبيها صالح صلى الله عليه وسلم ، فعقروا الناقة التي قال لهم صالح : لا تمسوها بسوء ، فأصبحوا نادمين على عقرها ، فلم ينفعهم ندمهم ، وأخذهم عذاب الله الذي كان صالح توعدهم به فأهلكهم إنّ فِي ذلكَ لاَيَةً يقول : إنّ في إهلاك ثمود بما فعلت من عقرها ناقة الله وخلافها أمر نبيّ الله صالح لعبرة لمن اعتبر به يا محمد من قومك وَما كانَ أكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ يقول : ولن يؤمن أكثرهم في سابق علم الله وَإنّ رَبّكَ يا محمد لَهُوَ العَزِيزُ في انتقامه من أعدائه الرّحِيمُ بمن آمن به من خلقه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَعَقَرُوهَا فَأَصۡبَحُواْ نَٰدِمِينَ} (157)

{ فعقروها } أسند العقر إلى كلهم لأن عاقرها إنما عقرها برضاهم ولذلك أخذوا جميعا . { فأصبحوا نادمين } على عقرها خوفا من حلول العذاب لا توبة ، أو عند معاينة العذاب ولذلك لا ينفعهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَعَقَرُوهَا فَأَصۡبَحُواْ نَٰدِمِينَ} (157)

أصبحوا نادمين لما رأوا أشراط العذاب الذي توعدهم به صالحٌ ولذلك لم ينفعهم الندم لأن العذاب قد حلّ بهم سريعاً ، فلذلك عطف بفاء التعقيب على { نادمين فأخذهم العذاب } .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَعَقَرُوهَا فَأَصۡبَحُواْ نَٰدِمِينَ} (157)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فعقروها}... فماتت {فأصبحوا نادمين} على عقرها.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره، فخالفت ثمود أمر نبيها صالح صلى الله عليه وسلم، فعقروا الناقة التي قال لهم صالح: لا تمسوها بسوء، فأصبحوا نادمين على عقرها، فلم ينفعهم ندمهم، وأخذهم عذاب الله الذي كان صالح توعدهم به فأهلكهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت: لم أخذهم العذاب وقد ندموا؟ قلت: لم يكن ندمهم ندم تائبين، ولكن ندم خائفين أن يعاقبوا على العقر عقاباً عاجلاً، كمن يرى في بعض الأمور رأياً فاسداً ويبني عليه، ثم يندم ويتحسر كندامة الكسعيّ،أو ندموا ندم تائبين ولكن في غير وقت التوبة، وذلك عند معاينة العذاب.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ونسب «عقرها» إلى جميعهم مع اختصاص قدار الأحمر بعقرها من حيث اتفقوا على ذلك رأياً وتدبيراً، وقوله {فأصبحوا نادمين} لما ظهر لهم تغيير ألوانهم حسبما كان صالح أخبرهم ندموا، ورأوا أن الأمر على ما أخبر به حتى نزل بهم العذاب.

زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 597 هـ :

قوله تعالى: {فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ} قال ابن عباس: ندموا حين رأوا العذاب على عقرها، وعذابهم كان بالصيحة.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ} وهو أن أرضهم زُلزلت زلزالا شديدًا، وجاءتهم صيحة عظيمة اقتلعت القلوب عن محالها، وأتاهم من الأمر ما لم يكونوا يحتسبون، فأصبحوا في ديارهم جاثمين، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

وأشار إلى سرعة عصيانهم بفاء التعقيب في قوله: {فعقروها} أي قتلوها بضرب ساقها بالسيف. وأشار إلى أن ذلك الندم لا على وجه التوبة أو أنه عند رؤية البأس فلم ينفع، أو أن ذلك كناية عن أن حالهم صار حال النادم، لا أنه وجد منهم ندم على شيء ما، فإنه نقل عنهم أنه أتاهم العذاب وهم يحاولون أن يقتلوا صالحاً عليه السلام، بقوله: {فأخذهم العذاب} أي المتوعد به. ولما تسبب عن عقرها حلول مخايل العذاب، أخبر عن ندمهم على قتلها من حيث إنه يفضي إلى الهلاك، لا من حيث إنه معصية لله ورسوله. فقال: {فأصبحوا نادمين} أي على عقرها لتحقق العذاب.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(فعقروها فأصبحوا نادمين). والعقر: النحر. والذين عقروها منهم هم الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، ولقد حذرهم منهم صالح وأنذرهم فلم يخشوا النذير. ومن ثم كتبت خطيئتها على الجميع، وكان الجميع مؤاخذين بهذا الإثم العظيم.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أصبحوا نادمين لما رأوا أشراط العذاب الذي توعدهم به صالحٌ ولذلك لم ينفعهم الندم لأن العذاب قد حلّ بهم سريعاً، فلذلك عطف بفاء التعقيب على {نادمين فأخذهم العذاب}.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

والعاقر بلا ريب بعضهم، ولكنه برضاهم، لأنهم لم ينهوه، فنسب الفعل إليهم، لأنهم لم يتناهوا عن هذا المنكر الذي نبهوا بالنهي عنه تنبيها شديدا وأنذروا بعذاب يوم عظيم.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

ولكنهم تآمروا فيما بينهم على قتلها، لأنهم لم يطيقوا انتصار صالح عليهم بهذه المعجزة العجيبة التي لا يملكون لها أيّ تفسير مادّيٍ معقول، {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ} لأنهم كانوا خاضعين في اندفاعهم العدواني لقتل الناقة، لحالةٍ انفعاليةٍ مجنونةٍ، بفعل تأثير التوجيه الضالّ الذي قادهم إليه المستكبرون من أصحاب الامتيازات الظالمة من رؤسائهم المنحرفين، للحفاظ على امتيازاتهم دون مصالح المستضعفين، عبر ما يوحون به إليهم من أفكارٍ عدوانية وأوهام مريضةٍ، وما يثيرونه في أجوائهم من الغفلة عن عواقب الأمور، حتى إذا أكملوا الجريمة، ونفذوا كل ما خطط المنحرفون، انتبهوا إلى هول النتائج السلبية التي يواجهونها في حرمانهم من اللبن الذي كانوا يشربونه منها، ومن العذاب الذي توعدهم به الله على لسان نبيه صالح، الذي استهانوا به وبوعيده وإنذاره، فلم يحاولوا أن يلتفتوا إلى أن الذي جاء بهذه المعجزة الخارقة، يملك السر الذي يؤهله لمعرفة النتائج المستقبلة للتمرد والجحود والكفران.