تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِسۡمَٰعِيلَ وَٱلۡيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطٗاۚ وَكُلّٗا فَضَّلۡنَا عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (86)

{ وَإِسْمَاعِيلَ } بن إبراهيم أبو الشعب الذي هو أفضل الشعوب ، وهو الشعب العربي ، ووالد سيد ولد آدم ، محمد صلى الله عليه وسلم . { وَيُونُسَ } بن متى { وَلُوطًا } بن هاران ، أخي إبراهيم . { وَكُلَا } من هؤلاء الأنبياء والمرسلين { فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ } لأن درجات الفضائل أربع – وهي التي ذكرها الله بقوله : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ } فهؤلاء من الدرجة العليا ، بل هم أفضل الرسل على الإطلاق ، فالرسل الذين قصهم الله في كتابه ، أفضل ممن لم يقص علينا نبأهم بلا شك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِسۡمَٰعِيلَ وَٱلۡيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطٗاۚ وَكُلّٗا فَضَّلۡنَا عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (86)

74

وقبل أن نغادر هذه الفقرة نحب أن نستمتع بنفحة من نفحات الحياة في عصر صحابة رسول الله [ ص ]

- وهذا القرآن يتنزل عليهم غضا ؛ وتشربه نفوسهم ؛ وتعيش به وله ؛ وتتعامل به وتتعايش بمدلولاته وإيحاءاته ومقتضياته ، في جد وفي وعي وفي التزام عجيب ، تأخذنا روعته وتبهرنا جديته ؛ وندرك منه كيف كان هذا الرهط الفريد من الناس ، وكيف صنع الله بهذا الرهط ما صنع من وفي الآيات ذكر لسبعة عشر نبيا رسولا - غير نوح وإبراهيم - وإشارة إلى آخرين ( من آبائهم وذرياتهم وإخوانهم ) . . والتعقيبات على هذا الموكب : ( وكذلك نجزي المحسنين ) . ( وكلا فضلنا على العالمين ) . . ( واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ) . . وكلها تعقيبات تقرر إحسان هذا الرهط الكريم واصطفاءه من الله ، وهدايته إلى الطريق المستقيم .

وذكر هذا الرهط على هذا النحو ، واستعراض هذا الموكب في هذه الصورة ، كله تمهيد للتقريرات التي تليه :

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِسۡمَٰعِيلَ وَٱلۡيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطٗاۚ وَكُلّٗا فَضَّلۡنَا عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (86)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاّ فَضّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ } . .

يقول تعالى ذكره : وهدينا أيضا من ذرّية نوح إسماعيل ، وهو إسماعيل بن إبراهيم والليسع : هو اليسع بن أخطوب بن العجوز .

واختلف القرّاء في قراءة اسمه ، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والعراق : واليَسَعَ بلام واحدة مخففة . وقد زعم قوم أنه «يفعل » ، من قول القائل : وَسِعَ يَسَعُ ، ولا تكاد العرب تُدخِلُ الألف واللام على اسم يكون على هذه الصورة ، أعني : على «يَفْعل » ، لا يقولون : رأيت اليزيد ، ولا أتاني التجيب ، ولا مررت باليشكر ، إلا في ضرورة شعر ، وذلك أيضا إذا تُحُرّي به المدح ، كما قال بعضهم :

وَجَدْنا الوَلِيدَ بْنَ اليَزِيدَ مُبارَكا ***شَدِيدا بأعْباءِ الخِلاَفَةِ كاهِلُهْ

فأدخل في «اليزيد » الألف واللام ، وذلك لإدخاله إياهما في الوليد ، فأتبعه اليزيد بمثل لفظه .

وقرأ ذلك جماعة من قرّاء الكوفيين : واللّيْسَعَ بلامين وبالتشديد ، وقالوا : إذا قرىء كذلك كان أشبه بأسماء العجم . وأنكروا التخفيف وقالوا : لا نعرف في كلام العرب اسما على «يفعل » فيه ألف ولام .

والصواب من القراءة في ذلك عندي قراءة من قرأه بلام واحدة مخففة ، لإجماع أهل الأخبار على أن ذلك هو المعروف من اسمه دون التشديد ، مع أنه اسم أعجميّ فينطق به على ما هو به . وإنما لا يستقيم دخول الألف واللام فيما جاء من أسماء العرب على «يفعل » ، وأما الاسم الذي يكون أعجميّا فإنما ينطق به على ما سموا به ، فإن غُير منه شيء إذا تكلمت العرب فإنما يغير بتقويم حرف منه من غير حذف ولا زيادة فيه ولا نقصان ، واللّيسع إذا شدّد لحقته زيادة لم تكن فيه قبل التشديد . وأخرى أنه لم يحفظ عن أحد من أهل العلم علمنا أنه قال : اسمه «ليسع » ، فيكون مشدّدا عند دخول الألف واللام اللتين تدخلان للتعريف ويُونُسَ هو يونس بن متى ولُوطا وكلاّ فَضّلْنا من ذرية نوح ونوحا ، لهم بيّنا الحقّ ووفقناهم له . وفضلنا جميعهم عَلى العَالَمِينَ يعني : على عالم أزمانهم .