اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِسۡمَٰعِيلَ وَٱلۡيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطٗاۚ وَكُلّٗا فَضَّلۡنَا عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (86)

وقوله : " وإسماعيل " هو ابن إبراهيم .

و " إليسع " [ وهو ابن أخطوب بن العجوز ]{[14419]} .

قرأ الجمهور{[14420]} " اليَسَعَ " بلام واحدة وفتح الياء بعدها .

وقرأ الأخوان{[14421]} : اللَّيْسَع بلام مشددة وياء ساكنة بعدها ، فقراءة الجمهور فيها تأويلان :

أحدهما : أنه منقُولٌ من فعل مضارع ، والأصل : " يَوْسَع " ك " يَوْعِد " ، فَوقَعَتِ الواو بين ياء وكسرة تقديرية ؛ لأن الفَتْحَةَ جيء بها لأجْلِ حرف الحَلْقِ ، فحُذِفَتْ لحذفها في " يضع " و " يدع " و " يهب " وبابه ، ثم سمي به مُجَرَّداً عن ضمير ، وزيدت فيه الألف واللام على حَدِّ زيادتها في قوله : [ الطويل ]

رأيْتُ الوَلِيدَ بْنَ اليَزِيدِ مُبَارَكاً *** شَدِيداً بِأعْبَاءِ الخِلافَةِ كَاهِلُهْ{[14422]}

وكقوله : [ الرجز ]

بَاعَدَ أمَّ العَمْرِ مِنْ أسِيرِهَا *** حُرَّاسُ أبْوابٍ عَلَى قُصُورِهَا{[14423]}

وقيل الألف واللام فيه للتعريف كأنّه قدَّر تنكيره .

والثاني : أنه اسم أعْجَمِيٌّ لا اشتقاق له ؛ لأن " اليسع " يقال : إنه يوشع بن نون فَتَى موسى ، فالألف واللام فيه زائدتان ، أو معرفتان كما تقدم .

وهل " أل " لازمة له على تقدير زيادتها ؟

فقال الفَارِسيُّ : إنها لازِمَةٌ شُذُوذاً ، كلزومها في " الآن " .

وقال ابن مالك : " ما قَارَنتِ الأدَاةُ نَقْلَهُ كالنَّضْرِ والنُّعْمَانِ ، أو ارتِجَالَهُ كاليسع والسموءل ، فإنَّ الأغْلَبَ ثُبُوتُ أل فيه وقد تحذف " .

وأما قراءة الأخوين{[14424]} ، فأصله لَيْسَع ، ك " ضَيْغَم وصَيْرَف " وهو اسم أعْجَمِيُّ ، ودخول الألف واللام فيه على الوَجْهَيْنِ المتقدمين .

واختار أبو عبيدة قراءة التخفيف ، فقال : " سمعنا هذا الشيء في جميع الأحاديث : اليسع ولم يُسَمِّهِ أحدٌ منهم اللَّيْسع " ، وهذا لا حُجَّةَ فيه ؛ لأنه روى اللفظ بأحد لُغَتَيْه ، وإنما آثَرَ الرُّواةُ هذه اللفظة لِخِفَّتِهَا لا لعدم صِحَّةِ الأخرى .

وقال الفراء{[14425]} في قراءة التشديد : " هي أشبهُ بأسماء العجمِ " .

قوله " يونس " : هو يونس بن متى ، وقد تقدم أن فيه ثلاث لغات [ النساء :163 ] وكذلك في سين " يُوسف " وقوله : " ولوطاً " وهو لوط بن هارون ابن أخي إبراهيم .

قوله : " وكلاَّ فَضَّلْنَا " كقوله : " كُلاًّ هَدَيْنَا " .

قوله : " عَلَى العَالَمِينَ " اسْتَدَلُّوا بهذه الآية على أن الأنبياء أفضل من الملائكة ؛ لأن " العالم " اسم لكل موجود سوى الله -تعالى- فيدخل فيه الملائكة . وقال بعضهم{[14426]} : معناه فَضَّلْنَاهُمْ على عالمي زمانهم .


[14419]:سقط في ب.
[14420]:ينظر: الدر المصون 3/178، البحر المحيط 4/115 ـ 116، إتحاف فضلاء البشر 2/21، الحجة لأبي زرعة 259 ـ 260، السبعة 262، النشر 2/260، التبيان 1/516، الزجاج 2/269، المشكل 1/259 ـ 260، إعراب القراءات السبع 1/163، روح المعاني 7/214.
[14421]:ينظر: الدر المصون 3/178، البحر المحيط 4/115 ـ 116، إتحاف فضلاء البشر 2/21، الحجة لأبي زرعة 259 ـ 260، السبعة 262، النشر 2/260، التبيان 1/516، الزجاج 2/269، المشكل 1/259 ـ 260، إعراب القراءات السبع 1/163، الفراء 1/342، الأخفش 2/496 ـ 497، الحجة لابن خالويه ص (144)، البيان 1/230، الرازي 13/66.
[14422]:البيت لابن ميادة وهو الرماح بن أبرد. ينظر: الإنصاف 1/317، ابن يعيش 441، الخزانة 2/226، المغني 1/52، معاني الفراء 1/342، الدر المصون 3/116.
[14423]:البيت لأبي النجم العجلي. ينظر: المقتضب 4/49، الإنصاف 1/317، لسان العرب (وبر)، همع الهوامع 1/80، المنصف 3/134، المغني 1/52، الدر المصون 3/116.
[14424]:ينظر: الدر المصون 3/116 والبحر المحيط 4/178.
[14425]:ينظر: معاني القرآن 1/342.
[14426]:ينظر: الرازي 13/54.