تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۚ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (116)

{ إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ ْ } أي : هو المالك لذلك ، المدبر لعباده بالإحياء والإماتة وأنواع التدابير الإلهية ، فإذا كان لا يخل بتدبيره القدري فكيف يخل بتدبيره الديني المتعلق بإلهيته ، ويترك عباده سدى مهملين ، أو يدعهم ضالين جاهلين ، وهو أعظم توليه لعباده ؟ " .

فلهذا قال : { وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ْ } أي : ولي يتولاكم بجلب المنافع لكم ، أو { نَصِيرٍ ْ } يدفع عنكم المضار .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۚ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (116)

111

وفي نهاية هذه الآيات ، وفي جو الدعوة إلى التجرد من صلات الدم والنسب ، بعد التجرد من الأنفس والأموال يقرر أن الولي الناصر هو اللّه وحده . وأنه مالك السماوات والأرض ومالك الموت والحياة .

( إن اللّه له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت ، وما لكم من دون اللّه من ولي ولا نصير )

فالأموال والأنفس ، والسماوات والأرض ، والحياة والموت ، والولاية والنصرة . . كلها بيد اللّه دون سواه . وفي الصلة باللّه وحده كفاية وغناء .

وهذه التوكيدات المتوالية ، وهذا الحسم القاطع في علاقات القرابة تدل على ما كان يعتور بعض النفوس من اضطراب وأرجحة بين الروابط السائدة في البيئة ، ورابطة العقيدة الجديدة . مما اقتضى هذا الحسم الأخير ، في السورة التي تتولى الحسم في كل علاقات المجتمع المسلم بما حوله . . حتى الاستغفار للموتى على الشرك قد لقي هذا التشديد في شأنه . . ذلك لتخلص القلوب من كل وشيجة إلا تلك الوشيجة .

إن التجمع على آصرة العقيدة وحدها هو قاعدة الحركة الإسلامية . فهو أصل من أصول الاعتقاد والتصور ؛ كما أنه أصل من أصول الحركة والانطلاق . . وهذا ما قررته السورة الحاسمة وكررته أيضاً . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۚ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (116)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ } .

يقول تعالى ذكره : إن الله أيها الناس له سلطان السماوات والأرض وملكهما ، وكلّ من دونه من الملوك فعبيده ومماليكه ، بيده حياتهم وموتهم ، يحيي من يشاء منهم ويميت من يشاء منهم ، فلا تجزعوا أيها المؤمنون من قتال من كفر بي من الملوك ، ملوك الروم كانوا أو ملوك فارس والحبشة أو غيرهم ، واغزوهم وجاهدوهم في طاعتي ، فأني المعزّ من أشاء منهم ومنكم والمذلّ من أشاء . وهذا حضّ من الله جلّ ثناؤه المؤمنين على قتال كل من كفر به من المماليك ، وإغراء منه لهم بحربهم .

وقوله : وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ وَلِيّ وَلا نَصِير يقول : وما لكم من أحد هو لكم حليف من دون الله يظاهركم عليه إن أنتم خالفتم أمر الله فعاقبكم على خلافكم أمره يستنقذكم من عقابه ، ولا نصير ينصركم منه إن أراد بكم سوءا . يقول : فبالله فثقوا ، وإياه فارهبوا ، وجاهدوا في سبيله من كفر به ، فإنه قد اشترى منكم أنفسكم وأموالكم بأن لكم الجنة ، تقاتلون في سبيله فتَقْتُلُونَ وَتُقْتَلُونَ .